واما ما اشتهر من الشيخ عن مقدمة المبسوط من أن ديدن الأصحاب قد كان جاريا على الجمود على النصوص من دون أدنى خروج من ظواهرها تكريما لأئمتهم وتعظيما لهم صلى الله عليه وآله غير أن الشيخ قد نقض تلك الطريقة ببعض تأليفه وأورد المسائل بعبارات غير دارجة عند أصحاب النصوص، وفرع على الأصول كثيرا من التفريعات غير المذكورة في الروايات وجاء الأصحاب بعد الشيخ حذوا حذوه، إلى يومنا هذا فغير ظاهر فانا بعد الفحص لم نجد الكتب المؤلفة في عصره أو في عصر قبله على ما وصفه فراجع ما بقى بأيدينا من تأليف المفيد والمرتضى وسلار وابن حمزة و اضرابهم، ممن نقل العلامة في المختلف عبائرهم كابن جنيد وابن أبي عقيل وابن شاذان لكن الطبقة السابقة على أصحاب الفتوى كان دأبهم على ما وصفه من الجمود على ذكر الروايات المطابقة لفتويهم أو نقل ألفاظها بعد الجمع والترجيح والتقييد و التخصيص، ومن أظهر مصاديقه فقه الرضا، وقريب منه بعض كتب الصدوق وأبيه (قدس الله اسرارهم).
وعلى ذلك فلو قلنا إن في مثل تلك الشهرة مناط الاجماع بل الاجماع ليس الا ذاك فليس ببعيد ويمكن ان يستدل على حجيتها بالتعليل الوارد في مقبولة عمر بن حنظلة حيث قال: ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه (وجه الاستدلال) ان الاشتهار بين الأصحاب في تلك الأزمنة بحيث يكون الطرف المقابل شاذا معرضا عنه بينهم ولا يكون مضرا باجماعهم عرفا بحيث يقال إن القول الشاذ مخالف لاجماع أصحابنا، لا شبهة في كشفه عن رأى المعصوم وحجيته وهذا هو الاجماع المعتبر الذي يقال في حقه ان المجمع عليه لا ريب فيه.
ومن ذلك يظهر انه لا دليل على حجية مجرد الشهرة الفتوائية لو لم يحدس منها قول الإمام عليه السلام كما هو المناط في الاجماع المحصل والمنقول.
ثم إن بعض أعاظم العصر (قدس سره) قد ضعف هذا الاستدلال وقال: ان الاستدلال