القوة التي تدرك الطبيعي، لان تصور الخاص الجزئي من شؤون القوى النازلة للنفس وتعقل الطبيعة من شؤون القوى العاقلة بعد تجريد الخصوصيات فربما يتصور الافراد مع الغفلة عن نفس الطبيعة وبالعكس، فالامر إذا أراد ان يوجه الامر إلى الطبيعة فلابد من لحاظها في نفسها، وإذا أراد الامر بالافراد لابد من لحاظها اما بعنوان عام اجمالي وهو مباين لعنوان الطبيعة في العقل، واما بلحاظ الافراد تفصيلا لو أمكن احضار الافراد الكثيرة تفصيلا في الذهن ولكن لحاظها تفصيلا غير لحاظ الطبيعة أيضا، و (ح) لو فرض ان ذات الطبيعة يترتب عليها الأثر في الوجود الخارجي فلابد للامر من تصورها وتصور البعث إليها وارادته، ففي هذا اللحاظ لا يكون الافراد ملحوظة لا اجمالا ولا تفصيلا، ولا ملازمة بين اللحاظين وصرف اتحاد الخصوصيات الخارجية مع الطبيعة خارجا لا يوجب الملازمة العقلية فلابد في تعلق الامر بها من لحاظ مستأنف وإرادة مستأنفة ولكن مع ذلك يكون كل من البعث والإرادة جزافيا بلا غاية فتدبر تنبيه لاشك في أن الغرض من البعث إلى الطبيعة هو ايجادها وجعلها من الأعيان الخارجية ضرورة ان الطبيعة لا تسمن ولا تغنى بل لا تكون طبيعة حقيقة ما لم تتلبس بالوجود و ولكن الكلام انما هو في أن هيئة البعث هل وضعت لطلب الايجاد والوجود، أو انها وضعت لنفس البعث إلى الطبيعة الا ان البعث إليها لما كان مما لا محصل له قدر فيه الوجود أو الايجاد، أو ان البعث إليها يلزمه عرفا تحصيلها وايجادها من دون تشبث بادخال الوجود فيه بنحو الوضع له أو تقديره في المستعمل فيه، وجوه، أقواها الأخير، والسر فيه هو ان العرف لما أدرك ان الطبيعة لا يمكن نيلها وتحصيلها بنفسها عارية عن لباس الوجود، يتوجه من ذلك إلى أن البعث إليها بعث إلى ايجادها حقيقة (وان شئت قلت) ان الطبيعة لا تكون طبيعة حقيقة بالحمل الشايع الا بايجادها خارجا لان الطبيعة بما هي هي ليست بشئ، وفي الوجود الذهني ليست نفس الطبيعي بما هي هي، و (ح) ينتقل بارتكازه إلى أن إطاعة التحريك والبعث نحوها لا تحصل الا بايجادها خارجا (هذا كله) ثبوتا، واما في مقام الاثبات فلما قدمنا من تعيين مفاد الامر هيئة ومادة، وان الثانية موضوعة لنفس الطبيعة والأولى موضوعة للبعث إليها بحكم التبادر ويشهد بذلك انه لا يفهم من مثل أوجد الصلاة ايجاد وجود الصلاة بل يفهم منه البعث إلى الايجاد فتدبر
(٢٧٥)