واما الثانية فبما أسمعناك من الفرق بين القوانين الجعلية والاحكام العقلية فان الغايات عناوين الموضوعات في الثانية، ولذلك ترجع الجهات التعليلية فيها إلى التقييدية دون الأولى إذ يصح فيها جعل الحكم على عنوان يترتب عليه الغاية دون نفس الغاية والملاك لجهل المكلف بما هو المناط، كجعل الحكم على الصلاة التي هي عدة أفعال ولكن الملاك واقعا هي غاياتها المترتبة المجهولة، ولا يصح ذلك في المستكشفات العقلية لتحليل العقل وتجزئته ما هو دخيل عما ليس كذلك وبذلك يظهر ان كون الأحكام الشرعية متعلقة بالعناوين لأجل المصالح والمفاسد لا يكون نقضا للقاعدة المبرهنة في محله وقد أو عزنا إليه في جواب الاشكال المتقدم وحاصل الكلام في توضيح هذه القاعدة ان حكم العقل بحسن شئ أو قبحه انما هو لأجل اشتماله على وجود ملاك فيه، فلو فرضنا ذاتا واحدة جامعة لحيثيات كالمقدمة وفرضنا ان ما هو الوجه لحكمه، أحد الحيثيات دون غيرها كما أوضحناه في المقدمة الأولى فلا حكم للعقل الاعلى هذه الحيثية دون غيرها فلو حكم مع هذا الادراك على الذات المجردة أو على حيثية أخرى لكان حكما بلا ملاك وهو لا يتصور في الأحكام العقلية فما هو موضوع للحسن أو القبح هو هذا الملاك، والموصوف بالملاك يكون محبوبا بالعرض والمجاز، (فاتضح) ان ما هو الغرض من الايجاب هو التوصل في نظر العقل ببركة المقدمة الأولى، وان الموضوع للحكم هو هذه الحيثية لاغير بمقتضى المقدمة الثانية والمحصل هو وجوب المقدمة لموصلة على فرض الملازمة و (بما قررناه) يظهر اندفاع ما زعمه المحقق الخراساني اشكالا للمطلب من أن الغرض من وجوب المقدمة ليس الا حصول ما لولاه لما أمكن حصول ذيها الخ (وفيه) انك قد عرفت ان السؤال لا يقف لو أجيب بما جعله غاية للايجاب ومثله في الضعف ما افاده بقوله من أنه لا يعقل أن يكون ترتب الواجب هو الغرض الداعي فإنه ليس اثر تمام المقدمات فضلا عن إحديهما، (هذا) وقد بان جوابه مما مر لأنه مبنى على القول بامتناع وقوع الإرادة متعلق الأمر وقد تقدم صحه وقوعه في التعبديات ويمكن ان يقال مع تسليمه على تقدير خروج الإرادة منها، ان المراد من الموصلة هو سائر المقدمات التي يتوصل بها إلى الواجب بعد ضم الإرادة إليها على نحو لا يحتاج حصول الواجب إلى أزيد من انضمام إرادة المكلف إليها، فالغرض بهذا المعنى مترتب دائما على المقدمات (وتوهم)
(٢١١)