منه شفاها وملخص ما افاده ان الفظ في عامة المجازات استعارة كانت أو مجازا مرسلا، مفردا كانت أو مركبا، كناية كانت أو غيرها، لم يستعمل الا فيما وضع له غاية الأمر ما هو المراد استعمالا غير ما هو مراد جدا، وان شئت قلت إنه لتطبيق ما هو الموضوع له على غيره اما بادعاء كونه مصداقا له كما في الكليات أو كونه عينه كما في الاعلام - والفرق بين المذهبين مضافا إلى ما عرفت من أن المستعمل فيه بالإرادة الاستعمالية، هو نفس الموضوع له على رأى شيخنا (قده) وإن كان الجد على خلافه، دون ما ذهب إليه السكاكي فان المتعلق للإرادة عنده استعمالية كانت أو جدية شئ واحد، ان الادعاء على المذهب الأخير وقع قبل الاطلاق ثم اطلق اللفظ على المصداق الادعائي، ولكن على ما رآه شيخنا وقع بعد استعمال اللفظ حين تطبيق الطبيعة الموضوع لها على المصداق.
وبالجملة ان حقيقة المجاز ليست الا تبادل المعاني والتلاعب بها لا باستعارة الألفاظ وتبادلها وانما حسن المجازات من جهة توسعة المفاهيم إلى ما يسعه وضع ألفاظها ولا يشمله نفس تلك المفاهيم ابتداء ولكن بعد ادعاء كون هذا منه تشمله حكما، مثلا:
في قوله تعالى (ان هذا الا ملك كريم) ليس حسن المجاز المستعمل فيه من جهة إعارة لفظ الملك خلوا عن معناه لوجود يوسف وجعلهما متحدين في الاسم، بل لان الملك استعمل في الماهية المعهودة من الروحانيين وأطلق اللفظ عليها واستعمل فيها وادعى انطباقها على المصداق الادعائي - وقس عليه قولنا: رأيت أسدا وحاتما، فان لفظي الحاتم والأسد استعملا في معناهما ولكن ادعى ان زيدا هو الحاتم أو الأسد ثم لا يخفى عليك ان ما اختاره (قدس سره) لا ينحصر بالاستعارة بل المجاز المرسل وهو ما تكون العلاقة فيه غير التشبيه من ساير العلاقات، أيضا من هذا الباب، أعني ان اللفظ فيه أيضا لم يستعمل الا فيما وضع له وجعل طريقا إلى الجد بدعوى من الدعاوى - فاطلاق العين على الربيئة ليس الا بادعاء كونه عينا باصرة بتمام وجوده لكمال مراقبته واعمال ما هو اثر خاص لها الا بعلاقة الجزئية والكلية، وقس عليه اطلاق الميت على المشرف للموت بدعوى كونه ميتا واطلاق القرية على أهلها بتخيل انها قابلة للسؤال، أو ان القضية بمثابة من الشهرة حتى يجيب عنها القرية والعير كما في قول الفرزدق: (هذا الذي