المتقدم وفصل المحقق الخراساني بين العلل التوليدية التي بقع الحرام بعدها بلا انتظار حالة وبين ما يكون المكلف مختارا بعد ايجاد مقدماته، محتجا بعدم توسط الاختيار في الأول بينها وبين الفعل فيسرى المبغوضية إلى الجميع لأنه موقوف على تمامها دون الثاني لتوسطه بينهما فيكون المكلف متمكنا من ترك الحرام بعد حصول المقدمات كما كان متمكنا قبله فلا ملاك لتعلق الحرمة بها واما الاختيار فلا يمكن ان يتعلق به التكليف للزوم التسلسل انتهى ملخصا (وفيه) ان النفس لما كانت فاعله بالآلة في عالم الطبيعة فلا يمكن أن تكون ارادته بالنسبة إلى الافعال الخارجية المادية جزء أخيرا للعلة التامة بحيث لا تتوسط بينها وبين الفعل الخارجي شئ من الآلات وتكون النفس خلاقة بالإرادة بل هي تؤثر في الآلات والعضلات بالقبض والبسط حتى تحصل الحركات العضوية وترتبط بواسطتها بالخارج وتتحقق الافعال الخارجية (وبالجملة) ان جعل الإرادة هو الجزء الأخير من العلة التامة بحيث يستند الفعل إليها لا إلى فعل خارجي إرادي، مما لا يوجد بين أفعال الانسان في عالم المادة إذ ما من فعل إرادي الا يتوسط بينه وبين الإرادة المتعلقة به، فعل إرادي آخر يمكن ان يقع تحت الامر والزجر فلو فرضنا ان العاصي الطاغي قد هيأ جميع المقدمات من شراء الخمر وصبه في الاناء ورفع الاناء تجاه الفم، وادخل جرعة منها باطنه، تعد جميع المقدمات ونفس الفعل اختيارية غير توليدية ومع ذلك ليست إرادة الشرب الموجودة بالفعل جزءا أخيرا للعلة التامة حتى يقال بامتناع تعلق التكليف بها بل يتوسط بينهما فعل إرادي آخر قابل لتوجه التكليف به من حركات العضلات المربوطة بهذا العمل، فان الإرادة المتعلقة بالعضلات غير الإرادة المتعلقة بالشرب كما مر تحقيقه في اثبات الواجب المعلق ومن المتوسطات تحريك الفك وعقد الغلصمة وما أشبههما، كل ذلك أمور اختيارية للنفس، وتوليدية للشرب قابلة لتعلق التكليف بها وقس عليه المشي فإنه لا يتحقق بنفس الإرادة بحيث تكون الإرادة مبدءا خلاقا له من غير توسيط الآلات وحركاتها وتحريك النفس إياها بتوسط القوى المنبثة التي تحت اختيارها (نعم) لا يتوسط بين الإرادة والمظاهر الأولية للنفس في عالم الطبيعة متوسط فان قلت إن مسألة الثواب والعقاب والاطاعة والعصيان من المسائل العرفية
(٢٢٣)