____________________
وقد عرفت ان المقدمة الداخلية منحصرة فيما يتقوم منها ماهية ذي المقدمة واجزائه التي يتألف منها، ولا إشكال - أيضا - ان الوجوب النفسي الذي هو وجوب ذي المقدمة معروضه نفس ذي المقدمة، وذو المقدمة ليس هو إلا الماهية التي يتألف منها ذو المقدمة، وأجزاء الماهية التي يتألف منها ماهية ذي المقدمة هي نفس ذي المقدمة، إذ ليست الماهية المركبة إلا نفس الأجزاء التي تتركب منها الماهية، فإذا كانت الماهية المركبة التي هي الواجبة بالوجوب النفسي وهي نفس الأجزاء التي تتألف - فالأجزاء التي تتألف منها هي الواجبة بالوجوب النفسي. فكيف ان يعقل أن تكون نفس هذه الأجزاء مقدمة، ولها وجوب غير الوجوب النفسي وهو الوجوب الغيري؟
ثم لا يخفى ان وجوب المقدمة وان كان مترشحا من وجوب ذيها ومتأخرا عنه، الا ان نفس ذات المقدمة لها السبق على ذيها، لأن وجود ذي المقدمة يتوقف عليها، فلابد من سبقها عليه، وإذا كانت الأجزاء هي نفس ذي المقدمة فلا يعقل ان يكون لها السبق عليه، لعدم معقولية سبق الشيء على نفسه.
وقد عرفت انه لابد من سبق المقدمة على ذي المقدمة، وقد أشار إلى ما ذكرناه بقوله: ((ربما يشكل في كون الأجزاء مقدمة له)): أي مقدمة للواجب ((وسابقة عليه بان المركب ليس الا نفس الأجزاء بأسرها)) فلا يعقل أن تكون نفس الأجزاء بأسرها مقدمة، لأنها نفس المركب الذي هو ذو المقدمة، ولا يعقل ان يكون الشيء مقدمة لنفسه، ولا يعقل - أيضا - سبق الأجزاء بأسرها على المركب، التي هي نفس المركب لعدم معقولية سبق الشيء على نفسه.
ثم لا يخفى ان وجوب المقدمة وان كان مترشحا من وجوب ذيها ومتأخرا عنه، الا ان نفس ذات المقدمة لها السبق على ذيها، لأن وجود ذي المقدمة يتوقف عليها، فلابد من سبقها عليه، وإذا كانت الأجزاء هي نفس ذي المقدمة فلا يعقل ان يكون لها السبق عليه، لعدم معقولية سبق الشيء على نفسه.
وقد عرفت انه لابد من سبق المقدمة على ذي المقدمة، وقد أشار إلى ما ذكرناه بقوله: ((ربما يشكل في كون الأجزاء مقدمة له)): أي مقدمة للواجب ((وسابقة عليه بان المركب ليس الا نفس الأجزاء بأسرها)) فلا يعقل أن تكون نفس الأجزاء بأسرها مقدمة، لأنها نفس المركب الذي هو ذو المقدمة، ولا يعقل ان يكون الشيء مقدمة لنفسه، ولا يعقل - أيضا - سبق الأجزاء بأسرها على المركب، التي هي نفس المركب لعدم معقولية سبق الشيء على نفسه.