كلام ظاهري بل الطبائع بنفسها تصير متعلقة للأحكام ومتصفة بالحسن والقبح وغاية ما يمكن أن يقال أنه لا وجود لها إلا بالافراد وفيه أنا نقول بتعلقها بها لا بشرط أن لا يكون معها شئ حتى لا يمكن التكليف بها وإذا تمكن المكلف من الاتيان بها في ضمن الفرد فيصدق عليه أنه متمكن منها كما أشرنا في مبحثه ولا فرق بين تعلق الامر به أو تعلق الحل والجواز والحرمة ونحوها نعم بعد الامتثال بفرد في الأوامر يسقط التكليف وذلك لا يستلزم عدم التخيير في الاتيان بأي فرد يمكن حصول الطبيعة في ضمنها وأما في مثل أحل الله البيع فلا سقوط للحل والجواز بمجرد ثبوته لفرد منه أو أفراد ومن لا يجوز تعلق الحكم بالطبائع فقد سلك هنا مسلكا آخر في استفادة العموم إذا وقع المفرد المحلى في كلام الحكيم فقال بأن الطبيعة لما لم يمكن تعلق الحكم بها ولا عهد خارجي يكون مرادا بالفرض ولا فائدة في إرادة فرد ما للزوم الاغراء بالجهل فتعين إرادة الاستغراق وهذا الكلام يجري على مذاق من يقول بالاشتراك اللفظي وغيره وأما المفرد المضاف فالظاهر أن المراد به الطبيعة فيستفاد منه العموم باعتبار الطبيعة على ما اخترناه وباعتبار الحكمة على التقرير الاخر ثم أن الشهيد الثاني رحمه الله قال في تمهيد القواعد إذا احتمل كون أل للعهد وكونها لغيره كالجنس أو العموم حملت على العهد لأصالة البراءة عن الزائد ولأن تقدمه قرينة مرشدة إليه ومن فروعها ما لو حلف لا يشرب الماء فإنه يحمل على المعهود حتى يحنث ببعضه إذ لو حمل على العموم لم يحنث ومنها إذا حلف لا يأكل البطيخ قال بعضهم لا يحنث بالهندي وهو الأخضر وهذا يتم حيث لا يكون الأخضر معهودا عند الحالف إطلاقه عليه إلا مقيدا ومنها الحالف لا يأكل الجوز لا يحنث بالجوز الهندي والكلام فيه كالسابق إذ لو كان إطلاقه عليه معهودا في عرفه حنث به إلا أن الغالب خلافه بخلاف السابق فإنه على العكس أقول بعد الاغماض عما بينا من أنه حقيقة في الجنس وأصالة الحقيقة تقتضي إرجاعه إلى إرادة الماهية نقول أن أصالة البراءة لا تقتضي الحمل على العهد مطلقا إذ قد تقتضي الحمل على الجنس أو العموم فإذا قال الشارع يجوز السجود على الحجر فإذا جوزنا السجود على أي حجر كان فلا يجب علينا تكلف تحصيل المعهود لو فرض حصول غير المعهود مثل المقناطيس وأمثلته في أحكام الشرع كثيرة مع أن ما ذكره في حكاية شرب الماء مع المناقشة في عدم كونه مثالا لما نحن فيه إذ العهد فيه إنما هو في الشرب لا الماء يقتضي خلاف ما ادعاه وبالجملة فأصالة البراءة قد تقتضي الحمل على المعهود كما في المثالين الأخيرين وقد تقتضي الحمل على العموم مع أن فيما يقتضي الحمل على العهد إنما يتم ما ذكره في الجنس إن أريد به ما يستلزم العموم كما حققناه و إن أريد به ما يشمل المعهود الذهني فلا توافقه أيضا لأنه قد يكون أصالة البراءة مقتضية للتنكير و
(٢١٨)