والقران جميعا ولمن نصر الأول أن يقول انا احمل الآية على الامرين جميعا على انه لا ينسها عن صدور الرجال الا الله ولا يبين ان تلاوتها ليس بطاعة الا بقران آخر خير منه أو مثله فان ذلك لا يقع بالسنة أصلا لهذا الظاهر واعترضوا أيضا الاستدلال بها بان قالوا قولنا كذا خير من كذا يستعمل بمعنى انه انفع لنا منه انه وقد زاد في باب النفع على غيره وإذا ثبت ذلك جاز أن يقال انه نأت بخير منها أي بأنفع لكم منها والمنفعة في هذا الموضع هي ما استحق بالفعل من الثواب وليس ممتنع أن يكون الثواب مما يدل السنة عليه من الفعل أكثر مما يستحقه على الفعل الذي دلت الآية عليه وعلى تلاوتها فيجب من هذا الوجه صحة نسخ الآية بالسنة وان يستدل بنفس الآية على ما نقوله وأجاب من نصر المذهب الأول عن ذلك بان قال وكان يجب على هذا التقدير ان يقال بالاطلاق ان السنة خير من القران ويراد بذلك انه أكثر ثوابا وفي اطلاق ذلك خروج من الاجماع واعترضوا على الوجه الأول من الاستدلال بالآية بان قالوا قوله نأت بخير منها مضيفا ذلك إلى نفسه لا يدل على ما قالوه لان عندنا النسخ انما يقع بالوحي الذي إلى الله تعالى به وان كان بالسنة فنستدل عليه ونعمله وقد أعطينا الإضافة حقها وقالوا أيضا في الوجه الثاني انه لا يمتنع أن يقول القائل اخذ منك كذا وأعطيك ما هو انفع منه وان لم يكن من جنسه لأنه قد يقول الرجل لصاحبه مصرحا لا اخذ منك ثوبا الا وأعطيك ما هو خير منه من الدنانير ولا اخذ منك دينارا الا وأعطيك ما هو انفع لك منه من البستان وغير ذلك وقالوا في الوجه الثالث من قوله تعالى ألم تعلم ان الله على كل شئ قدير انما نريد به انه قادر على أن ينسخ الآية بما يعلم انه أصله للعباد من المنسوخ والذي يختص بذلك هو الله تعالى واستدل بعض أصحاب الشافعي على صحة ما ذهبوا إليه بان قالوا لا يجوز ذلك من جهة العقل لان في ذلك ارتيابا بالنبي صلى الله عليه وآله واستدل على ذلك بقوله وإذ بدلنا اية مكان اية والله اعلم بما ينزل قالوا انما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون ثم بين انه ليس برفع هذا بقوله وان المبدل هو الله تعالى بما أنزله وهذا غلط لان الله تعالى ذكر انهم نسبوه إلى الافتراء عند تبديله الآية بالآية فان كان ما يلحقهم من الارتياب قد يمنع من نسخ الآية بالسنة فيجب أن يمنع من نسخ الآية بالآية أيضا وكيف يمنع العقل من ذلك ومن علم كون القران معجزا يعلم صدقه وعلمه بصدقه ينفى الارتياب بقوله إذا نسخ الآية بالسنة وليس نسخه بالسنة نسخا من تلقاء نفسه بل هو نسخ له بالوحي النازل عليه فهو في الحكم كأنه نسخ اية باية وفي الناس من قال ان العقل يجيز ذلك لكن لم يرد ذلك في السنة ولم يثبت فهذا وجه الا انه ليس بكلام في هذه المسألة لان صاحبها مقر بجواز ذلك وانما انكر وجوده فالواجب أن يبين له الوجود ومن يذهب إلى ذلك فله أشياء يذكرها فيتعلق بها وبما ذكرنا ان عرض ما يحتاج إليه ولا يجوز له أن يبين ذلك وان تناوله لأنه ليس بمستند إلى دليل يصح له التأويل واما من قال انى لا أقول ان نسخ القرآن بالسنة جايز في العقل ولا يجوز لان الجواز
(٤٨)