من الفقهاء إلى ان ذلك لا يجوز وهو الذي اختاره شيخنا أبو عبد الله ره ولا خلاف بين أهل العلم ان القرآن لا ينسخ باخبار الآحاد الا أن من أجاز نسخ القرآن بالسنة المقطوع بها يقول كان يجوز نسخه أيضا باخبار الآحاد ولكن المشروع منع منه وهو الاجماع على ان خبر الواحد لا ينسخ به القران و الا كان ذلك جائزا كما ثبت عندهم تخصيص عموم القران وبيان مجمله باخبار الآحاد ولى في هذه المسألة نظر الا انى اذكر ما تعلق به كل واحد من الفريقين على ضرب من الايجاز فاستدل من قال بجواز ذلك انه إذا أوجبت السنة المقطوع بها العلم والعمل ساوت الكتاب في ذلك فيجب جواز حصول نسخه بها كما يجوز أن يبين بها ويخص بها وانما لا يجوز نسخه بخبر الواحد للاجماع الذي ذكرناه والا كان ذلك جائزا وقالوا أيضا النسخ إذا كان واقعا في الاحكام التي هي تابعة للمصالح وكانت السنة في الدلالة على الاحكام كالقران لا يختلفان فيجب جواز نسخه بها قالوا ومزية القران في باب الاعجاز على السنة لا يخرجها من التساوي فيما ذكرناه يبين ذلك ان نسخ الشريعة انما يصح من حيث كان دلالة على ان الحكم المراد بالأول أريد به إلى غاية وقد علم ان قوله تعالى كذا وإذا كان وحيا ولم يكن قرانا في باب الدلالة على ذلك (كا) بالقران فكذلك حال السنة في ذلك يجب أن يكون حال القران في جواز نسخ القران به لان الذي يختص القران به من الاعجاز لا تأثير له فيما به يصح النسخ من الدلالة على الحكم لان النفي كونه معجزا مع كونه قولا له تعالى لا يخرجه من ان يدل على الحكم كهو إذا لم تكن معجزا الا ترى ان قوله (ع) دلالة على الحكم وان لم يكن معجزا فإذا صح ذلك لم يكن لكون القران معجزا اعتبار فوجب صحة نسخه بالسنة على ما قدمناه واستدل من امتنع من جواز نسخه بالسنة بأشياء منها قوله تعالى وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم قالوا فجعله الله تعالى مبينا للقران فلو نسخه لكان قد ازاله والإزالة ضد البيان واعترض من خالف في ذلك بأن قال انه إذا نسخه بالسنة فقد بين الوقت الذي يزول فيه العبادة وهذا في أنه بيان جار مجرى التخصيص ولو لم يكن ذلك بيانا لم يكن في وصف الله تعالى له بأنه مبين دليل على انه لا يفعل ما ليس ببيان كما لا يدل على انه لا يبتدى باحكام شرعها وقال أبو هاشم ان معنى قوله لتبين للناس ما نزل إليهم أي لتبلغ وتؤدى لان الأداء بيان ومتى حملنا الآية على هذا وفينا حقها في العموم لأنه مؤد لكل ما انزل الله ومتى حملت على البيان الذي هو التفسير حملت على التخصيص وإذا أمكن حمل الآية على العموم كان أولى من حملها على الخصوص واستدلوا أيضا بقوله وإذا بدلنا اية مكان اية قالوا فتبين انه يبدل الآية بالآية وذلك يمنع من أن ينسخ بالسنة واعترض على ذلك من خالف (فبين ظ) بان قال ليس فيه انه لا يجوز أن يبدل الآية الا بالآية فالتعلق به لا يصح ولأنه لا يدل على موضع الخلاف من نسخ حكم الآية بالسنة لأنه انما ذكر ان الآية تبدل بالآية ولم يذكر الحكم واستدلوا بقوله تعالى وقال الذين لا يرجون لقائنا ائت بقران غير هذا أو بدله قل ما يكون لي ان أبدله من تلقاء
(٤٦)