عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٤٧
نفسي فبين ان تبديله لا يقع الا بالكتاب وقال من خالف في ذلك ان قوله تعالى قل ما يكون لي ان أبدله من تلقاء نفسي يدل على انه لا ينسخ الآية الا بوحي من الله تعالى قرانا كان أو غير قران وكذلك نقول لان النبي صلى الله عليه وآله لا ينسخ القران من قبل نفسه على حال وأقوى ما استدلوا به في هذا الباب قوله تعالى ما ننسخ من اية أو ننسها نأت بخبر (بخير) منها أو مثلها فاستدلوا بهذه الآية من وجوه منها ما ذكره أبو العباس بن شريح انه قال لما قال الله تعالى نأت بخير منها أو مثلها احتمل أن يراد به الكتاب واحتمل غيره فلما قال بعده ألم تعلم ان الله على كل شئ قدير علم انه أراد بما تقدم ما يختص هو بالقدرة عليه وهو القرآن المعجز فكأنه قال فات بخير منها أو مثلها مما يختص بالقدرة عليه ومنها انه تعالى قال نأت بخير منها أو مثلها فأضاف ما نسخ به الآية إلى نفسه والسنة لا تضاف إليه تعالى في الحقيقة ومنها ان الظاهر في الاستعمال انه إذا قيل لاحد لا اخذ منك ثوبا الا أعطيك خيرا منه انه يراد به من جنس الأول وكذلك قوله ما ننسخ من آية أو ننسها لما ذكر في الأول اية فيجب أن تكون هي المراد بقوله نأت بخير منها أو مثلها فكأنه قال نأت بخير (نأته خير خ ر) منها أو مثلها ومنها ان الآية انما تكون خيرا من الآية بأن تكون انفع منها والمنفعة بالآية نفع (يصح خ ر) بتلاوتها وبامتثال حكمها فيجب أن يكون ما يأت به يزيد في النفع بالآية على ما ينسخه ولا يكون زايدا عليه الا ويحصل به النفع من كلا الوجهين والسنة لا يصح ذلك فيها وذكر من خالف هذا المذهب في تأويل هذه الآية وجها قويا وهو المحكى عن أبي هاشم وهو انه قال ليس في قوله نأت بخير منها دلالة على ان ما يأتي به هو الناسخ لأنه لم يقل نأت بخير منها ناسخا فيجوز أن ينسخ الآية بشئ اخر ثم يأت بخير منها وأجاب من نصر المذهب الأول عن هذا بان قال إذا ثبت انه لابد أن يأتي باية أخرى وكل من قال بذلك قال لأنها تكون ناسخه وليس في الأمة من قال لابد من أن يأتي باية أخرى وان لم يكن ناسخه لان من جوز نسخ القران بالسنة قال يجوز ان ينسخه بالسنة وان لم يأت باية أخرى وكل قول خالف الاجماع وجب اطراحه واعترضوا على الاستدلال بالآية أيضا بان قالوا قوله ما ننسخ من اية أو ننسها نأت بخير منها يقتضى ثبوت النسخ فيها (منها خ ر) قبل الاتيان بخير منها فلو كان النسخ بما يأتي به نفع لما صح أصلا حصول نسخ الآية قبل أن يأتي بخير منها ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن يقال لا يمتنع أن يقال نأت بخير منها ناسخا وأن يقوم (تقدم ظ) قوله ما ننسخ من اية أو ننسها كما ان القائل إذا قال انا لا أبطل الحركة الا وافعل السكون ولا يعدم السواد عن المحل الا ويطرؤ عليه البياض وان كان المبطل السواد هو البياض الطارئ وكذلك المبطل للحركة السكون الذي يطرؤ عليه فكذلك القول في الآية واعترض أيضا على الاستدلال بالآية بأن قالوا ليس في ظاهر الآية نسخ حكم الآية وهو موضع الخلاف وهذا أيضا يسقط بالاجماع لان أحدا لا يفصل بين نسخ الآية وبين نسخ حكمها فمن فصل بينهما كان مخالفا للاجماع وقالوا أيضا ان نسخ الآية انسائها إذا حمل على ان المراد به انه ينسيه عن صدور الرجال فالله تعالى هو الفاعل لذلك فلا يصح وقوع ذلك بالسنة ومتى حمل على ان المراد به أن يبين ان تلاوتها ليس بطاعة فذلك يصح بالسنة
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125