الذي وقع عليه الفعل وكذلك لو أخذ من انسان دراهم على جهة الزكاة لم يكن اخذ الدراهم منه مثلا غصبا أو عن ثمن مبيع متبعا له لمخالفة الوجهين على ما قلناه بل متى كان فعلنا مخالفا في الوجه كان ذلك مخالفة له كما لو خالف فعلنا لفعله في الصورة على ما بيناه وقد كان يصح من جهة العقل ان يلزمنا جميع افعاله التي يفعلها وان لم نراع وجوه ما يفعله وسواء فعله على جهة الوجوب أو الندب ويكون واجبا علينا ذلك على كل حال لكن ذلك يحتاج إلى دليل شرعي ولم يدل دليل على ذلك أصلا ولو دل الدليل عليه لما كان ذلك اتباعا له ولا تأسيا به بل يكون واجبا علينا القيام الدلالة على ذلك لأنه إذا فعل الفعل على جهة الوجوب أو الندب أو الإباحة وفعلناه على غير ذلك الوجه لا نكون متبعين له لما قلناه فإذا ثبت ان معنى التأسي ما قلناه وجب أن يراعا فيه حصول العلم بصورة الفعل وبالوجه الذي حصل عليه الفعل ليصح لنا التأسي به والوجه الذي حصل عليه الفعل على ضربين أحدهما ان يقارن الفعل نحو نية الوجوب (أو الندب) أو الإباحة وهذا هو الذي ينبئ عنه هذا اللفظ على الحقيقة والثاني المعنى الذي له ان يقوله وان يصح أن يكون مقارنا وذلك نحو أن يزيل النجاسة عن ثوبه لأجل الصلاة وانما يكون الواحد منا متبعا له بان يزيله لما له ازاله فما من ازاله تنظيفا فلا يكون متبعا له وكذلك ان توضأ لإزالة الحدث أو الصلاة فاتباعه له انما يكون بأن يفعله على ذلك (هذا خ ر) الوجه فاما موافقته له (ع) في الفعل يطلق على وجهين أحدهما أن يراد به مساواته في صور الفعل والثاني مساواته في صورة الوجه الذي وقع عليه الفعل وهذا اظهر في الاستعمال واما مخالفته فقد يكون في القول والفعل معا فمخالفته في الفعل هو أن يعلم بالدليل وجود التأسي به فإذا لم يتأسى به كان مخالفا له فإذا لم يدل الدليل على ذلك فان هذه اللفظة لا تستعمل على ضرب من المجاز ولذلك لا يقال ان الحايض خالفت النبي (ع) في ذكر الصلاة واما مخالفته في القول هو أن يأمرنا بفعل فلا نفعله أو نفعل خلافه فنكون مخالفين له واما اتباع المأموم للامام في الصلاة فعند أكثر الفقهاء جاز على الوجه الذي قدمناه ومنهم أجاز ان يكون الامام مؤديا فرضا والمأموم أن يكون متنفلا ولمن قال ذلك ان يقول انما قلت ذلك لدليل دل عليه والا فالظاهر من اتباعه يقتضى خلاف ذلك وله ان يقول ان اتباعه لم يصح بأن يفعل الفعل متقربا به أو بأن يوافق في نية الصلاة فقط دون وجوبها أو ندبها فليس ذلك نقضا لما قدمناه وقد وصف من انكر جواز التأسي به (ع) في افعاله وانه مخالف لكن هذا الخلاف يرجع إلى القول لا إلى الفعل واما الذي يدل على انه لا يجب من جهة العقل التأسي به واتباعه في افعاله ان مصالح العباد يجوز أن تختلف في الشرعيات كما ثبت في كثير من ذلك الا ترى ان الحايض يفارق حكمها حكم الظاهر وحكم الغنى يخالف حكم الفقير في وجوب الحج والزكاة عليه وكذلك يخالف حكم الصحيح حكم العليل في كيفية أداء الصلاة وكذلك يخالف حكم المسافر حكم الحاضر وأمثلة ذلك أكثر من ان تحصى وإذا
(٥٣)