وقت لبين ذلك الوقت كما يجب ان يبين خصوص العام وتفسير المجمل والا كان الخطاب قبيحا، فإذا لم يبين دل على أن الفعل حسن ابدا، وإذا كان حسنا ابدا فالنهي عنه قبيح.
ومنها: انه إذا أطلق الامر بفعل وجب اعتقاد لزوم المأمور له ابدا والعزم على فعله دائما والنهي عنه يقتضي كون العزم والاعتقاد قبيحين.
ومنها: انه إذا أطلق الامر وغرضه في الخطاب إفادة المخاطب، فلولا ان المأمور به يلزم ابدا لبين له ولما أبهم له ما امره به، لان ذلك تلبس.
ومنها: انه إذا امر إذا بالشئ مطلقا دائما، فلو جوزنا النهي عنه لادى إلى الا يوصف بالقدرة على أن لا يخاطبنا بخطاب يقتضى الدوام ويقطع عليه.
فهذه الوجوه أقوى ما يتعلقون به ونحن نجيب عن واحد واحد منها على وجه يزول معه الشك انشاء الله تعالى.
والجواب عن الشبهة الأولى والثانية والثالثة بشئ واحد: وهو انا قد بينا فيما مضى ان النسخ الذي نجيزه هو أن يكون النهى متناولا لمثل ما تناوله الامر لا لعين ما تناوله، وذلك يبطل قولهم: انه يؤدى إلى البداء ويبطل قولهم: انه يؤدى إلى كون الحسن قبيحا، لان الحسن غير القبيح على ما قررناه، ويبطل أيضا قولهم: انه يستحق العقاب بما يستحق به الثواب، لان على التقرير الذي قررناه ما يستحق به الثواب غير الذي يستحق به العقاب.
والجواب عن الشبهة الرابعة: وهي قولهم: " ان الامر باطلاقه يدل على حسن المأمور به ابدا فلو نهى عنه لانتقضت دلالته على ذلك " فهو ان الامر عندنا لا يقتضى التكرار بمجرده وانما يقتضى الفعل مرة واحدة (1)، فعلى هذا سقطت الشبهة. فإن اقترن باللفظ قول الامر " إفعل أبدا " فلفظ التأبيد لا يفيد الدوام على كل حال، لان هذه اللفظة تستعمل فيما لا يراد الدوام، الا ترى ان القائل يقول " الزم فلانا أبدا " أو " امض