يفعل ذلك على هذا الشرط.
قيل له: إن تعلقت بذلك فقل مثل ذلك في نفس الفعل، بأن تقول أمر به في الحقيقة بشرط أن لا ينهى عنه، فإذا صح أن يتعلق بمثل ذلك في نفس المأمور به، فأي حاجة بك إلى ذكر الاعتقاد؟
وهذا قول يدل على أن قائله لا يعرف ماله يتأول الامر على أن المراد به الاعتقاد، وقد بينا من قبل أن الاعتقاد والعزم يتبعان المعتقد في الوجوب، فلا يصح وجوبهما دونه، وفي ذلك إسقاط سؤاله.
فان قيل: إنما نجوز ذلك إذا أمرنا بالشئ وأراد الاختبار، ثم نهى عنه في الحقيقة.
قيل له: القديم تعالى عالم بالعواقب فلا يجوز منه تعالى الاختبار، لان ذلك إنما يجوز على من لم يعرف حال الشئ فيختبر هل يطيع المأمور أم لا؟ والقديم تعالى إنما يأمر العباد بمصالحهم فكيف يأمرهم بها ولا يريدها منهم؟ ولو جاز ذلك لجاز في النهي مثله، فمن أين لهذا القائل ان النهي هو نهي عن الفعل، مع قوله في الامر أنه اختبار؟
فإن قال: أجوز النسخ قبل الفعل إذا أمر تعالى بالفعل في وقت بشرط تبقية الامر، أو بشرط انتفاء النهي، فإذا نهى عنه فقد زال الشرط، فإذا قد نهى عن الفعل على غير الوجه الذي قد امر به، وهذا كقولهم أنه أمر بالصلاة عبادة لله ونهى عنها عبادة للشيطان في الجواز.
قيل له: إن تبقية الامر لا يجوز أن تكون وجها لحسن المأمور به، ولا انتفاء النهي، فلا يدلان أيضا على كون الفعل على وجه يحسن عليه حتى يقضى بأن في زوالهما خروج الفعل من أن يكون واقعا على ذلك الوجه، فإذا صح ذلك بطل ما سأل عنه وفارق حاله حال الصلاة التي مثل بها.
ومن حق الامر أن يدل على كون المأمور به على وجه يحسن أمره به، فبقاء الامر وانتفاء النهي أو وجوده لا يخلو كونه على هذه الصفة فإذا صح ذلك فالنهي