مصلحة، وأما إذا تغير حال الحكم وخرج من كونه مصلحة إلى غيره لم تكن التلاوة دلالة عليه.
وليس لهم أن يقولوا: لا فائدة في بقاء التلاوة إذا ارتفع الحكم، وذلك أنه لا يمتنع أن تتعلق المصلحة بنفس التلاوة وإن لم يقتض الحكم، وإذا لم يمتنع ذلك جاز بقاؤها مع ارتفاع الحكم.
وليس لهم أن يقولوا: إن هذا المذهب يؤدى إلى أنه يجوز أن يفعل جنس الكلام بمجرد المصلحة دون الإفادة، وذلك مما تأبونه.
لأنا إنما نمنع في الموضع الذي أشاروا إليه إذا خلا الكلام من فائدة أصلا، وليس كذلك بقاء التلاوة مع ارتفاع الحكم، لأنها أفادت في الابتداء تعلق الحكم بها وقصد بها ذلك، وانما تغيرت المصلحة في المستقبل في الحكم فنسخ وبقيت (1) التلاوة لما فيها من المصلحة، وذلك يخالف ما سأل السائل عنه.
وأما نسخ التلاوة مع بقاء الحكم (2)، فلا شبهة فيه لما قلناه من جواز تعلق المصلحة بالحكم دون التلاوة.
وليس لهم أن يقولوا: أن الحكم قد ثبت بها، فلا يجوز مع زوال التلاوة بقاؤه.
وذلك أن التلاوة دلالة على الحكم، وليس في عدم الدلالة عدم المدلول عليه، الا ترى أن انشقاق القمر ومجئ الشجرة دال على نبوة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يوجب عدمهما خروجه صلى الله عليه وآله وسلم من كونه نبيا وكذلك القول في التلاوة والحكم، ويفارق ذلك الحكم العلم الذي يوجب عدمه خروج العالم من كونه عالما، لان العلم موجب لا أنه دال.
واما جواز النسخ فيهما، فلا شبهة أيضا فيه لجواز تغير المصلحة فيهما.