المأمور به لا يجوز دوام لزومه، لان ما (1) يحسن من الله تعالى إلزامه إنما يقتضي انقطاعه، وهو استحقاق الثواب عليه، ولذلك يعلم أنه إنما يلزم ما دام صلاحا ولا حاجة بنا إلى علم آخر لا يفتقر التكليف إليه وهذا واضح.
وقد استدل الخلق على جواز النسخ بما يفعله القديم تعالى من الأمراض بعد الصحة، والفقر بعد الغنى، وأنه إذا جاز أن يختلف ذلك بحسب مصالح العباد، فكذلك ما يكلفونه.
وهذا قريب، وان كان الأول هو الأصل.
فاما من أبى النسخ من أهل الملة، فما قدمناه يبطل قوله، ويبطله أيضا وقوع النسخ في شريعتنا بلا ارتياب، لأنه لا خلاف بين الأمة أن القبلة كانت إلى بيت المقدس وأنه نسخ ذلك بالتوجه إلى الكعبة، وكذلك نسخ الحول في عدة المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشرا، ونسخ أيضا تقديم الصدقة بين يدي نجوى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك نسخ وجوب ثبات الواحد للعشرة بثبات الواحد للاثنين، ونظائر ذلك كثيرة فلا معنى للاكثار فيه.
فهذه جملة كافية في هذا الباب.