عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٤٩٠
وبيان المجمل عن وقت الحاجة، بل هو بالعكس من ذلك في وجوب تأخره عن المنسوخ على ما بيناه.
وليس من شرطه أن يكون متناولا لجملة، بل لا لم يمتنع أن يكون متناولا لما يصح نسخ الدليل الشرعي فيه، وإن كان متناولا لحكم في عين واحدة، ويفارق التخصيص في ذلك.
وفي الناس من شرط في ذلك (1) أن لا يكون لفظه مقيدا مقتضيا للتأبيد، فقال:
لو قال الله تعالى: " افعلوا الصلاة أبدا " لما ساغ نسخه، وإنما يجوز إذا أطلق ذلك (2).
وهذا بعيد، لأن لفظ التأبيد عندنا في الأمر لا يقتضي الدوام على ما تعورف استعماله، لأن قول القائل لغيره: " لازم غريمك أبدا "، أو لابنه: " تعلم العلم أبدا " لا يقتضي عندهم الدوام. ويفارق ذلك حال الخبر الذي يتناول ما يصح الإدامة فيه، على أن الصحيح في الخبر أيضا أنه لا يفيد الإدامة، ولأجل ذلك يمنع أصحاب الوعيد (3) من التعلق بآيات الوعيد المتضمنة للفظ التأبيد، وإذا لم يقتض ذلك، فكيف

(١) أي في المنسوخ.
(٢) رأي جمهور الفقهاء والمتكلمين والأصوليين على جواز النسخ وإن اقترن بالمنسوخ ذكر التأييد، إلا أن بعض المتكلمين قالوا: لا يجوز النسخ إلا في خطاب مطلق، فأما إذا قيد بالتأبيد فلا يجوز نسخه، وذهب إلى هذا الرأي أعيان الحنفية كالقاضي أبي زيد الدبوسي، وأبي منصور الماتريدي، والبزودي، والسرخسي، وأبي بكر الجصاص وغيرهم.
النظر: " التبصرة: ٢٥٥، الأحكام للآمدي ٣: ١٢٣، شرح اللمع ١: ٤٩١، الذريعة ١: ٤٩١، المعتمد ٢:
٣٧٣ - ٣٧٠ و ٣٨٣ - ٣٨٢. أصول السرخسي ٢: ٦٠ ".
(٣) الوعيد: التهديد، وفي اصطلاح المتكلمين التهديد بالخلود بالنار، وقيل لا فرق بين الوعد والوعيد سوى أن الوعد صادر عن كرم والوعيد صادر عن غضب في الشاهد، وقد اختلف المتكلمون فيمن يتوجه إليه آيات الوعيد، هل هم الكفار خاصة أم يشمل مرتكبي الذنوب من المسلمين؟ قال الشيخ المفيد في (أوائل المقالات: ٤٦): " اتفقت الامامية على أن الوعيد في النار متوجه إلى الكفار خاصة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة، ووافقهم على هذا القول كافة المرجئة سوى محمد بن شبيب وأصحاب الحديث قاطبة. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أن الوعيد بالخلود في النار عام في الكفار وجميع فساق أهل الصلاة ".
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل (3) في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان، وما به يقع البيان 417
2 فصل (4) في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الافعال 421
3 فصل (5) في أن تخصيص العموم لا يمنع من التعلق بظاهره 424
4 فصل (6) في ذكر وقوع البيان بالافعال 431
5 فصل (7) في ما الحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 436
6 فصل (8) في ذكر جواز تأخير التبليغ، والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 447
7 فصل (9) في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وذكر الخلاف فيه 449
8 فصل (10) في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز؟ 465
9 فصل (11) في القول في دليل الخطاب، واختلاف الناس فيه 467
10 (الباب السابع) الكلام في الناسخ والمنسوخ فصل (1) في ذكر حقيقة النسخ، وبيان شرائط، والفصل بينه وبين البداء 485
11 في نسخ الحكم ببدل 491
12 في معنى البداء 495
13 فصل (2) في ذكر ما يصح النسخ فيه من أفعال، المكلف، وما لا يصح، وبيان شرائطه 499
14 النسخ في الاخبار 501
15 أقسام الخبر 503
16 فصل (3) في ذكر جواز نسخ الشرعيات 506
17 فصل (4) في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم 514
18 فصل (5) في نسخ الشئ قبل وقت فعله، ما حكمه؟ 518
19 فصل (6) في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أو لا؟ 527
20 فصل (7) في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه 534
21 فصل (8) في نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ونسخ الاجماع والقياس، وتجويز القول بهما 537
22 فصل (9) في ذكر نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن 543
23 فصل (10) في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخهما 554
24 (الباب الثامن) الكلام في الافعال فصل (1) في ذكر جملة من أحكام الافعال، وما يضاف إليه، واختلاف أحوالهم 563
25 فصل (2) في ذكر معنى التأسي بالنبي (ص) وهل يجب اتباعه عقلا أو سمعا؟ والقول فيه 569
26 فصل (3) في الدلالة على أن أفعاله (ع) كلها ليست على الوجوب 575
27 فصل (4) في ذكر الوجوه التي تقع عليها أفعاله (ع)، وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 582
28 فصل (5) في ذكر أفعاله إذا اختلفت هل يصح التعارض فيها أم لا؟ 587
29 فصل (6) في أنه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 590
30 (الباب التاسع) الكلام في الاجماع فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 601
31 فصل (2) في كيفية العلم بالاجماع، ومن يعتبر قوله فيه 628
32 فصل (3) في ما يتفرع على الاجماع من حيث كان إجماعا عند من قال بذلك، كيف القول فيه على ما نذهب إليه؟ 639
33 (الباب العاشر) الكلام في القياس فصل (1) في ذكر حقيقة القياس، واختلاف الناس في ورود العبادة به 647
34 فصل (2) في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 653
35 فصل (3) في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 665
36 فصل (4) في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس 669
37 (الباب الحادي عشر) الكلام في الاجتهاد فصل (1) الكلام في الاجتهاد 723
38 فصل (2) في ذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما 727
39 فصل (3) في أن النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام؟ وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وإن من غاب عن الرسول (ص) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟ 733
40 (الباب الثاني عشر) الكلام في الحظر والإباحة فصل (1) في ذكر حقيقة الحظر والإباحة والمراد بذلك 739
41 فصل (2) في ذكر بيان الأشياء التي يقال إنها على الخطر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها، والدليل على الصحيح من ذلك؟ 741
42 فصل (3) في ذكر حكم النافي، هل عليه دليل أم لا؟ والكلام في استصحاب الحال 752
43 الكلام في استصحاب الحال 755
44 فصل (4) في ذكر ما يعلم بالعقل والسمع 759