مجرى تسميتهم الأصنام بأنها آلهة، لما اعتقدوا أنه يستحق العبادة، فتسميتهم لها آلهة كان صحيحا وإن كان اعتقادهم فيها أنها تستحق العبادة فاسدا، فلو لزم هذا للزم أبا هاشم أن لا يكون أيضا حقيقة في الإزالة لأن الريح في الحقيقة لا تزيل شيئا وإنما الله تعالى يزيل بها، وكذلك القول في الشمس.
فان اعتذر من ذلك بأن قال: لما اعتقدوا أن الريح هي التي تزيل في الحقيقة أضافوه إليها.
قيل له مثل ذلك في النقل سواء.
فأما استعمال هذه اللفظة في الشريعة، فعلى خلاف موضوع اللغة وإن كان بينهما تشبيه، ووجه التشبيه: أن النص إذا دل على أن مثل الحكم الثابت بالنص المتقدم زائل على وجه لولاه لكان ثابتا صار بمنزل المزيل لذلك الحكم، لأنه لولاه لكان ثابتا، فأجرى استعمال لفظ النسخ فيه مجرى الريح المزيلة للآثار. هذا قول أبي هاشم.
وقال أبو عبد الله البصري: إن هذه التسمية مستعملة على غير طريقة (1) اللغة في الشريعة، فهي لفظة شرعية منقولة عما وضعت له، لأن استعمالها في ذلك غير معقول في اللغة، فهي كسائر الأسماء الشرعية.
فأما حد الدليل الموصوف بأنه ناسخ فهو: " ما دل على أن مثل الحكم الثابت بالمنسوخ، الذي هو النص المتقدم، غير ثابت في المستقبل، على وجه لولاه لكان ثابتا بالنص الأول مع تراخيه عنه ".
والموصوف بأنه منسوخ هو النص الأول.
وقد تستعمل هذه اللفظة في أشياء، فيقال في الله تعالى أنه ينسخ الحكم، فهو ناسخ إذا نصب الدلالة على ذلك.
ويقال إن النص الثاني ناسخ للأول، إذا دل من حاله على ما ذكرناه.