عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٠
السبعين، بقي ما زاد عليه على الأصل وقد روي في هذا الخبر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لو علمت أنى إن زدت على السبعين يغفر الله لهم لفعلت " (1) وعلى هذه الرواية لا شبهة في الخبر (2).
والجواب عن الخامس: فهو (3) أيضا خبر واحد لا يحتج به في هذا الموضع، ومع ذلك لا يدل على موضع الخلاف، لأنا لا نعلم أن تعجبهما من القصر مع زوال الخوف هو لأجل تعليق القصر بالخوف، ويجوز أن يكون تعجبهما لأنهما عقلا من الآيات الواردات في إيجاب الصلاة وجوب الإتمام في كل حال، واعتقدوا أن المستثنى من ذلك هو حال الخوف، فتعجبا لهذا الوجه.
والجواب عن السادس: أنه إذا صح قولهم: " إن الماء من الماء منسوخ " (4)، من أين لهم أنهم عقلوا من ظاهره نفي وجوب الغسل من غير الماء؟، ولعلهم علموه بدليل سوى اللفظ، لأنهم إذا حكموا بإنه منسوخ فلابد من أن يكونوا قد فهموا أن ما عداه بخلافه، فمن أين لهم أنهم فهموا ذلك اللفظ دون دليل آخر؟
وقد روى هذا الخبر بلفظ آخر، وهو أنه عليه السلام قال: " إنما الماء من الماء " (5) وبدخول لفظ " إنما " يعلم أن ما عداه بخلافه، لأن القائل إذا قال: " إنما لك عندي درهم " يفهم من قوله ": (وليس لك سواه) وعلى الوجه تعلق ابن عباس

(١) تفسير غرائب القرآن (المطبوع بهامش تفسير الطبري ط بولاق): المجلد السادس / الجزء العاشر: ١٣٨ ولفظه: " ولو أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت ".
(٢) في المصدر: والنبي - عليه السلام - أفصح وأفطن لأغراض العرب، من أين يجوز عليه مثل ذلك؟ لأن معنى الآية النهي عن الاستغفار للكفار، فإنك لو أكثرت في الاستغفار ما غفر الله لهم، فعبر عن الإكثار بالسبعين، ولا فرق بينهما وبين ما زاد عليها، كما تقول العرب: " لو جئتني كثيرا أو قليلا ما جئتك " ولا فرق بين الأعداد المختلفة في الغرض، فكأنه يقول: " لو جئتني كثيرا أو قليلا ما جئتك " وأي عدد تضمنه لفظه فهو كغيره.
(٣) أنه.
(٤) كنز العمال ٩: ٣٨٠ رقم 26565 وص 540 رقم 27325. والحديث رواه أبو داود، أحمد، وابن ماجة، والترمذي ونصه: " إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهي عنهما ".
(5) جامع الأصول 7: 272 و 273 رقم 5305 و 5308 نقله عن مسلم والترمذي.
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 483 485 486 487 ... » »»
الفهرست