عن الدار، وهو مع دخول غيره من الناس لا يفارق مكانه، أليس هذا مع عقله وكماله يصح ان يقوى في ظنه ان علة خروج صاحبه انما هي دخول ذلك الرجل؟
فان قالوا: لا يصح ان يغلب ما ذكرتم في ظنه، طولبوا بما يمنع منه، ولن يجدوه.
وان أجازوه (1)، بطلت عليهم ذكر العادات والتجارب في باب الظنون، وقيل لهم: فما تنكرون من أن تكون هذه حالة الظنون في الشرع؟
ويمكن أن يقول من نصر الطريقة التي قدمناها: ان ما فرضتموه من جلوس بعض الناس عند من لم يعرف العادات وانصرافه إذا دخل عليه انسانا اخر وتكرر منه ذلك، وانما يغلب على ظنه كون دخول صاحبه علة الخروج الاخر، لان ذلك يصير عادة، وليس يلزم فيمن عرف عادة في شئ بعينه ان يعرف العادات كلها، ألا ترى ان العادات تختص البلاد والأزمان ولا تكاد تتفق على حد واحد فكذلك القول فيما فرضتموه في السؤال فاما طعن مثبتي القياس على الطريقة المتقدمة تصحيحهم غلبة الظنون في الشريعة بقولهم: " انا وجدنا أهل القياس والاجتهاد مع كثرتهم وتدينهم يخبرون عن أنفسهم بالظنون ويعلمون عليها، ومثل هؤلاء أو طائفة منهم لا يجوز أن يكذبوا على أنفسهم، فكيف تدفع الظنون وهذه حالها "؟.
فليس بشئ، لان لمن [نفى] (2) الظن أن يقول: ألست اكذب هؤلاء المجتهدين في أنهم يجدون أنفسهم على اعتقاد ما، وانما أكذبهم في قولهم انه ظن وواقع عن امارة، والعلم بالفرق بين الاعتقاد المبتدأ والعلم والظن ليس بضرورة (3)، فكان القوم سبقوا إلى اعتقادات ليست ظنونا، ودخلت عليهم الشبهة، فاعتقدوا ان