المتلفات، وأرش الجنايات التي يستند الظن فيها إلى عادات، وتجارب، وامارات معلومة متقررة، ولهذا نجد من لم يتجر قط ولم يخبره مخبر عن أحوال التجارة لا يصح ان نظر فيها ربحا ولا خسرانا، وكذلك من لم يسافر ولم يخبر عن الطريق لا يظن نجاة ولا عطبا، ومن لم يعرف امارة في القيم يمارسها لا يظن أيضا فيها شيئا.
وجميع ما يغلب فيه الظنون متى تأملته وجدته مستندا إلى ما ذكرناه مما لا يصح دخوله في الشرعيات على وجه ولا سبب.
ولقوة ما أوردناه، ما قال قوم من أهل القياس: ان العلل الشرعية لا تكون الا منصوصا عليها اما صريحا أو تنبيها (1)، ونزل الباقون رتبه فقالوا: لا تثبت الا بأدلة شرعية.
والذي يمكن أن يقرض به على هذه الطريقة ان يقال: من اعتمد هذه الطريقة على هذا التلخيص لابد من أن يكون مجوزا للعبادة به ومعرفة الاحكام من جهته لو حصل الظن الذي منع من حصوله، ولابد من أن يقول: ان الله تعالى لو نص على العلة، أو امر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالنص عليها، وتعبد بالقياس لوجب حمل الفروع على الأصول.
بل الذاهب إلى هذه الطريقة ربما (2) يقول: لو نص الله تعالى على العلة في تحريمه مثلا للخمر وذكر انها الشدة، لوجب حملها فيه هذه العلة عليها وان لم يتعبد بالقياس، لأنه يجرى مجرى ان ينص على تحريم كل شديد.
وان كان هذا غير صحيح، لان العلل الشرعية انما تنبئ عن الدواعي إلى