كونها واجبة وجائزة، فلذلك وجب أن يكون نسخا، وهو بمنزلة الزيادة أيضا في هذا الوجه، فيجب أن يكون مثلها في أنه نسخ فان قيل: ان القبلة إذا نسخت فما بقي من الصلاة هي عبادة مبتدأة لم يكن مثلها (١) من قبل واجبا، فكيف يصح أن يقولوا: انه نسخ؟
قيل له: وان لم يجب الصلاة من قبل على هذا الوجه، فما كان واجبا من قبل من الصلاة لو فعل الان لم يجز، فوجب أن يكون اسقاط القبلة نسخا له من هذا الوجه.
فاما صوم عاشوراء، فإنما يقال انه نسخ برمضان، بمعنى انه عند سقوط وجوبه امر بصيام رمضان مما نسخ له، لان الحكم انما ينسخ حكما اخر إذا لم يصح ان يجتمعا على وجه، فاما إذا صح وجوب الثاني مع الأول، ويمكن فعلهما جميعا فأحدهما لا يكون ناسخا للاخر ولذلك قلنا: ان قول الله تعالى: ﴿ولأبويه لكل واحد منهما السدس﴾ (2) لا يعلم وجوب نسخ الوصية للوالدين والأقربين، لان اجتماع الوصية والميراث لهما غير منكر، بل هو الصحيح الذي نذهب إليه، ومن خالفنا في ذلك يرجع إلى ما يروى (3) من قول النبي عليه السلام: " لا وصية لوارث " (4) ويدعى ان ذلك مجمع عليه، وعندنا ان هذا خبر واحد لا ينسخ به ظاهر القران.
ولو سلم ان صوم عاشوراء نسخ - في الحقيقة - برمضان (5)، لما صح ان يصرف النسخ إلى الوقت، لان من حق النسخ ان يتناول الافعال الواقعة في الأوقات لا الأوقات نفسها، لأنها ليست من فعل المكلف