ويجوز أن يكون ضمير بدلوا للمنتظرين خاصة بناء على ان المحتاج إلى البيان حالهم وقد روى أن طلحة رضى الله عنه ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى أصيبت يده فقال صلى الله عليه وسلم أوجب طلحة الجنة وفي رواية أوجب طلحة وعنه صلى الله عليه وسلم في رواية جابر رضى الله عنه من سره ان ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله وفي رواية عائشة رضى الله عنها من سره أن ينظر إلى شهيد يمشى على الأرض وقد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة وهذا يشير إلى انه من الأولين حكما «ليجزي الله الصادقين بصدقهم» متعلق بمضمر مستأنف مسوق بطريق الفذلكة لبيان ما هو داع إلى وقوع ما حكى من الأحوال والأقوال على التفصيل وغاية له كما مر في قوله تعالى ليسأل الصادقين عن صدقهم كأنه قيل وقع جميع ما وقع ليجزى الله الصادقين بما صدر عنهم من الصدق والوفاء قولا وفعلا «ويعذب المنافقين» بما صدر عنهم من الاعمال والأقوال المحكية «إن شاء» تعذيبهم «أو يتوب عليهم» إن تابوا وقيل متعلق بما قبله من نفي التبديل المنطوق وإثباته المعرض به كأن المنافقين قصدوا بالتبديل عاقبة السوء كما قصد المخلصون بالثبات والوفاء العاقبة الحسنى وقيل تعليل لصدقوا وقيل لما يفهم من قوله تعالى وما زادهم إلا إيمانا وتسليما وقيل لما يستفاد من قوله تعالى ولما رأى المؤمنون الأحزاب كأنه قيل ابتلاهم الله تعالى برؤية ذلك الخطيب ليجزي الآية فتأمل وبالله التوفيق «إن الله كان غفورا رحيما» أي لمن تاب وهو اعتراض فيه بعث إلى التوبة وقوله تعالى «ورد الله الذين كفروا» رجوع إلى حكاية بقية القصة وتفصيل تتمة النعمة المشار إليها اجمالا بقوله تعالى فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها معطوف إما على المضمر المقدر قبل قوله تعالى ليجزى الله كأنه قيل إثر حكاية الأمور المذكورة وقع ما وقع من الحوادث ورد الله الخ وإما على أرسلنا وقد وسط بينهما بيان كون ما نزل بهم واقعة طامة تحيرت بها العقول والافهام وداهية تامة تحاكت منها الركب وزلت الاقدام وتفصيل ما صدر عن فريقي أهل الايمان وأهل الكفر والنفاق من الأحوال والأقوال لإظهار عظم النعمة إبانه خطرها الجليل ببيان وصولها إليهم عند غاية احتياجهم إليها أي فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ورددنا بذلك الذين كفروا والالتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة وإدخال الروعة وقوله تعالى «بغيظهم» حال من الموصول أي ملتبسين به وكذا قوله تعالى «لم ينالوا خيرا» بتداخل أو تعاقب أي غير ظافرين بخير أو الثانية بيان للأولى أو استئناف «وكفى الله المؤمنين القتال» بما ذكر من إرسال الريح والجنود «وكان الله قويا» على إحداث كل ما يريد «عزيزا»
(٩٩)