العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم وعن انس أيضا رضي الله عنه انه قال نزلت في أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء وهي صلاة الأوابين وهو قول أبي حازم ومحمد بن المنكدر وهو مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما وقال عطاءهم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة والفجر في جماعة والمشهور ان المراد منه صلاة الليل وهو قول الحسن ومجاهد ومالك والأوزاعي وجماعة لقوله صلى الله عليه وسلم أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل وعن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيرها قيام العبد من الليل وعنه صلى الله عليه وسلم إذا جمع الله الأولين والآخرين جاء مناد ينادي بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم ثم يرجع فينادي ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فينادي ليقم الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء فيقومون وهم قليل فيسرحون جميعا إلى الجنة ثم يحاسب سائر الناس وقوله تعالى «يدعون ربهم» حال من ضمير جنوبهم أي داعين له تعالى على الاستمرار «خوفا» من سخطه وعذابه وعدم قبول عبادته «وطمعا» في رحمته «ومما رزقناهم» من المال «ينفقون» في وجوه البر والحسنات «فلا تعلم نفس» من النفوس لا ملك مقرب ولا نبي مرسل فضلا عمن عداهم «ما أخفي لهم» أي لأولئك الذين عددت نعوتهم الجليلة «من قرة أعين» مما تقر به أعينهم وعنه صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلعتم عليه اقرءوا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين وقرئ ما أخفى لهم وما نخفى لهم وما أخفيت لهم على صيغة المتكلم وما أخفى لهم على البناء للفاعل وهو الله سبحانه وقرئ قرأت أعين لاختلاف أنواعها والعلم بمعنى المعرفة وما موصولة أو استفهامية علق عنها الفعل «جزاء بما كانوا يعملون» أي جزوا جزاء أو أخفى لهم للجزاء بما كانوا يعملونه في الدنيا من الاعمال الصالحة قيل هؤلاء القوم أخفوا أعمالهم فأخفى الله تعالى ثوابهم «أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا» أي أبعد ظهور ما بينهما من التباين البين يتوهم كون المؤمن الذي حكيت أوصافه الفاضلة كالفاسق الذي ذكرت أحواله «لا يستوون» التصريح به مع إفادة الانكار لنفى المشابهة بالمرة على أبلغ وجه وآكده لبناء التفصيل الآتي عليه والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد فيما سبق باعتبار لفظها وقوله تعالى «أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى» تفصيل لمراتب الفريقين في الآخرة بعد ذكر أحوالهما في الدنيا وأضيفت الجنة إلى المأوى لأنها المأوى الحقيقي وإنما الدنيا منزل مرتحل عنه لا محالة وقيل المأوى جنة من الجنات وأيا ما كان فلا يبعد أن يكون فيه رمز إلى ما ذكر من تجافيهم عن مضاجعهم
(٨٥)