لجبنهم يظنون ان الأحزاب لم ينهزموا ففروا إلى داخل المدينة «وإن يأت الأحزاب» كرة ثانية «يودوا لو أنهم بأدون في الأعراب» تمنوا أنهم خارجون إلى البدو حاصلون بين الاعراب وقرئ بدي جمع باد كغاز وغزى «يسألون» كل قادم من جانب المدينة وقرئ يساءلون أي يتساءلون ومعناه يقول بعضهم لبعض ماذا سمعت ماذا بلغك أو يتساءلون الأعراب كما يقال رأيت الهلال وتراءيناه فإن صيغة التفاعل قد تجرد عن معنى كون ما أسندت إليه فاعلا من وجه ومفعولا من وجه ويكتفى بتعدد الفاعل كما في المثال المذكورة ونظائره «عن أنبائكم» عما جرى عليكم «ولو كانوا فيكم» هذه الكرة ولم يرجعوا إلى المدينة وكان قتال «ما قاتلوا إلا قليلا» رياء وخوفا من التعيير «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» خصلة حسنة حقها أن يؤتسى بها كالثبات في الحرب ومقاساة الشدائد أو هو في نفسه قدوة يحق التأسي به كقولك في البيضة عشرون منا حديدا أي هي في نفسها هذا القدر من الحديد وقرئ بكسر الهمزة وهي لغة فيها «لمن كان يرجو الله واليوم الآخر» أي ثواب الله أو لقاءه أو أيام الله واليوم الاخر خصوصا وقيل هو مثل قولك أرجو زيدا وفضله فإن اليوم الاخر من أيام الله تعالى ولمن كان صلة لحسنة أو صفة لها وقيل بدل من لكم والأكثرون على أن ضمير المخاطب لا يبدل منه «وذكر الله» أي وقرن بالرجاء ذكر الله «كثيرا» أي ذكرا كثيرا أو زمانا كثيرا فإن المثابرة على ذكره تعالى تؤدي إلى ملازمة الطاعة وبها يتحقق الائتساء برسول الله صلى الله عليه وسلم «ولما رأى المؤمنون الأحزاب» بيان لما صدر عن خلص المؤمنين عند اشتباه الشؤون واختلاف الظنون بعد حكاية ما صدر عن غيرهم أي لما شاهدوهم حسبما وصفوا لهم «قالوا هذا» مشيرين إلى ما شاهدوه من حيث هو من غير أن يخطر ببالهم لفظ يدل عليه فضلا عن تذكيره وتأنيثه فإنهما من أحكام اللفظ كما مر في قوله تعالى فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى وجعله إشارة إلى الخطب أو البلاء من نتائج النظر الجليل فتدبر نعم يجوز التذكير باعتبار الخبر بالذي هو «ما وعدنا الله ورسوله» فإن ذلك العنوان أول ما يخطر ببالهم عند المشاهدة ومرادهم بذلك ما وعدوه بقوله تعالى أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء إلى قوله تعالى ألا إن نصر الله قريب وقوله وقوله صلى الله عليه وسلم سيشتد الامر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم وقوله صلى الله عليه وسلم إن الأحزاب سائرون إليكم بعد تسع ليال أو عشر وقرئ بكسر الراء وفتح الهمزة «وصدق الله ورسوله» أي ظهر صدق خبر الله تعالى ورسوله أو صدقا في النصرة والثواب كما صدقا في البلاء وإظهار الاسم للتعظيم «وما زادهم» أي ما رأوه «إلا إيمانا» بالله تعالى وبمواعيده
(٩٧)