كان يأخذ كل سفينة غصبا «ليذيقهم بعض الذي عملوا» أي بعض جزائه فإن اتمامه في الآخرة واللام للعلة أو للعاقبة وقرئ لنذيقهم بالنون «لعلهم يرجعون» عما كانوا عليه «قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل» ليشاهدوا آثارهم «كان أكثرهم مشركين» استئناف للدلالة على ان ما أصابهم لفشو الشرك فيما بينهم أو كان الشرك في أكثرهم وما دونه من المعاصي في قليل منهم «فأقم وجهك للدين القيم» أي البليغ الاستقامة «من قبل أن يأتي يوم لا مرد له» لا يقدر أحد على أرده «من الله» متعلق بيأتي أو بمرد لأنه مصدر والمعنى لا يرده الله تعالى لتعلق ارادته القديمة بمجيئه «يومئذ يصدعون» أصله يتصدعون أي يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير «من كفر فعليه كفره» أي وبال كفر وهو النار المؤبدة «ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون» أي يسوون منزلا في الجنة وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على الاختصاص «ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله» متعلق بيصدعون وقيل بيمهدون أي يتفرقون بتفريق الله تعالى فريقين ليجزي كلا منهما بحسب اعمالهم وحيث كان جزاء المؤمنين هو المقصود بالذات ابرز ذلك في معرض الغاية وعبر عنه بالفضل لما ان الإثابة بطريق التفضل لا الوجوب وأشير إلى جزاء الفريق الآخر بقوله تعالى «إنه لا يحب الكافرين» فإن عدم محبته تعالى كناية عن بغضه الموجب لغضبه المستتبع للعقوبة لا محالة «ومن آياته أن يرسل الرياح» أي الشمال والصبا والجنوب فإنها رياح الرحمة وأما الدبور فريح العذاب ومنه قوله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا وقرئ الريح على إرادة الجنس «مبشرات» بالمطر «وليذيقكم من رحمته» وهي المنافع التابعة لها وقيل الخصب التابع لنزول المطر المسبب عنها أو الروح الذي هو مع هبوبها واللام متعلقة بيرسل والجملة معطوفة على مبشرات على المعنى كأنه قيل ليبشركم بها وليذيقكم أو بمحذوف يفهم من ذكر الإرسال تقديره وليذيقكم وليكون كذا وكذا يرسلها لا لأمر آخر لا تعلق له بمنافعكم «ولتجري الفلك» بسوقها «بأمره ولتبتغوا من فضله» بتجارة البحر «ولعلكم تشكرون» ولتشكروا نعمة الله فيما ذكر من
(٦٣)