كل ما ذكر وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار اليه لما مر مرارا من الاشعار ببعد منزلته في الفضل «من عزم الأمور» أي مما عزمه الله تعالى وقطعه على عباده من الأمور لمزيد مزيتها مصدر اطلق على المفعول وقد جوز ان يكون بمعنى الفاعل من قوله تعالى فإذا عزم الامر أي جد والجملة تعليل لوجوب الامتثال بما سبق من الامر والنهي وايذان بأن ما بعدها ليس بمثابته «ولا تصعر خدك للناس» أي لا تمله ولا تولهم صفحة وجهك كما هو ديدن المتكبرين من الصعر وهو الصيد وهو داء يصيب البعير فيلوي منه عنقه وقرئ ولا تصاعر وقرئ ولا تصعر من الإفعال والكل بمعنى مثل وعلاه وعالاه «ولا تمش في الأرض مرحا» أي فرحا مصدر وقع موقع الحال أو مصدر مؤكد لفعل هو الحال أي تمرح مرحا أو لأجل المرح والبطر «إن الله لا يحب كل مختال فخور» تعليل للنهي أو موجبة وتأخير الفخور مع كونه بمقابلة المصعر خده عن المختال وهو بمقابلة الماشي مرحا لرعاية الفواصل «واقصد في مشيك» بعد الاجتناب عن المرح فيه أي توسط بين الدبيب والاسراع وعنه صلى الله عليه وسلم سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن وقول عائشة في عمر رضي الله عنهما كان إذا مشي اسرع فالمراد به ما فوق دبيب المتماوت وقرئ بقطع الهمزة من اقصد الرامي إذا سدد سهمه نحو الرمية «واغضض من صوتك» وانقص منه واقصر «إن أنكر الأصوات» أي اوحشها «لصوت الحمير» تعليل للامر على أبلغ وجه وآكده مبني على تشبيه الرافعين أصواتهم بالحمير وتمثيل أصواتهم بالهاق وافراط في التحذير عن رفع الصوت والتنفير عنه وافراد الصوت مع اضافته إلى الجمع لما ان المراد ليس بيان حال صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع بل بيان حال صوت هذا الجنس من بين أصوات سائر الأجناس وقوله تعالى «ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض» رجوع إلى سنن ما سلف قبل قصة لقمان من خطاب المشركين وتوبيخ لهم على اصرارهم على ما هم عليه مع مشاهدتهم لدلائل التوحيد والمراد بالتسخير اما جعل المسخر بحيث ينفع المسخر له أعم من ان يكون منقادا له يتصرف فيه كيف يشاء ويستعمله حسبما يريد كعامة ما في الأرض من الأشياء المسخرة للانسان المستعملة له من الجماد والحيوان أو لا يكون كذلك بل يكون سببا لحصول مراده من غير ان يكون له دخل في استعماله كجميع ما في السماوات من الأشياء التي نيطت بها مصالح العباد معاشا ومعادا وما جعله منقادا للامر مذللا على ان معنى لكم
(٧٣)