طويل بالنسبة إلى ما يدوم قليل «ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ» يثقل عليهم ثقل الاجرام الغلاظ أو يضم إلى الاحراق الضغط والتضييق «ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله» لغاية وضوح الامر بحيث اضطروا إلى الاعتراف به «قل الحمد لله» على ان جعل دلائل التوحيد بحيث لا يكاد ينكرها المكابرون أيضا «بل أكثرهم لا يعلمون» شيئا من الأشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى اعترافهم وقيل لا يعلمون ان ذلك يلزمهم «لله ما في السماوات والأرض» فلا يستحق العبادة فيهما غيره «إن الله هو الغني» عن العالمين «الحميد» المستحق للحمد وان لم يحمده أحد أو المحمود بالفعل يحمده كل مخلوق بلسان الحال «ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام» أي لوان الأشجار أقلام وتوحيد الشجرة لما ان المراد تفصيل الآحاد «والبحر يمده من بعده» أي من بعد نفاده «سبعة أبحر» أي والحال ان البحر المحيط بسعته يمده الا بحر السبعة مدا لا ينقطع ابدا وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله «ما نفدت كلمات الله» ونفدت تلك الأقلام والمداد كما في قوله تعالى لنفد البحر قبل ان تنفذ كلمات ربي وقرئ يمده من الامداد بالياء والتاء واسناد المد إلى الأبحر السبعة دون البحر المحيط مع كونه أعظم منها وأطم لأنها هي المجاورة للجبال ومنابع المياه الجارية واليها تنصب الأنهار العظام أولا ومنها ينصب إلى البحر المحيط ثانيا وايثار جمع القلة في الكلمات للايذان بأن ما ذكر لا يفي بالقليل منها فكيف بالكثير «أن الله عزيز» لا يعجزه شيء «حكيم» لا يخرج عن علمه وحكمته امر فلا تنفد كلماته المؤسسة عليهما «ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة» أي الا كخلقها وبعثها في سهولة التأتي إذ لا يشغله شأن عن شأن لان مناط وجود الكل تعلق ارادته الواجبة مع قدرته الذاتية حسبما يفصح عنه قوله تعالى انما أمرنا لشيء إذا أردناه ان نقول له كن فيكون «إن الله سميع» يسمع كل مسموع «بصير» يبصر كل مبصر لا يشغله علم بعضها عن علم بعض فكذلك الخلق والبعث «ألم تر» قيل الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل عام لكل أحد ممن يصلح للخطاب وهو الا وفق لما سبق وما لحق أي ألم تعلم علما
(٧٥)