واضعون للشيء في غير موضعه ومتعدون عن الحدود وظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد «ولقد آتينا لقمان الحكمة» كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان الشرك وهو لقمان بن باعوارء من أولاد آزر ابن أخت أيوب عليه السلام أو خالته وعاش حتى أدرك داود عليه السلام واخذ عنه العلم وكان يفتي قبل مبعثه وقيل كان قاضيا في بني إسرائيل والجمهور على انه كان حكيما ولم يكن نبيا والحكمة في عرف العلماء استكمال النفس الانسانية باقتباس العلوم النظرية واكتساب الملكة التامة على الافعال الفاضلة على قدر طاقتها ومن حكمته انه صحب داود عليه السلام شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال نعم لبوس الحرب أنت فقال الصمت حكمة وقليل فاعله فقال له داود عليه السلام بحق ما سميت حكيما وان داود عليه السلام قال له يوما كيف أصبحت فقال أصبحت في يدي غيري فتفكر داود فيه فصعق صعقة وأنه أمره مولاه بأن يذبح شاة ويأتي بأطيب مضغتين منها فأتى باللسان والقلب ثم بعد أيام أمره بأن يأتي بأخبث مضغتين منها فأتى بهما أيضا فسأله عن ذلك فقال هما أطيب شئ إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا ومعنى «أن اشكر لله» أي اشكر له تعالى على أن أن مفسره فإن إيتاء الحكمة في معنى القول وقوله تعالى «ومن يشكر» الخ استئناف مقرر لمضمون ما قبله موجب للامتثال بالامر أي ومن يشكر له تعالى «فإنما يشكر لنفسه» لان منفعته التي هي ارتباط العتيد واستجلاب المزيد مقصورة عليها «ومن كفر فإن الله غني» عن كل شيء فلا يحتاج إلى الشكر ليتضرر بكفر من كفر «حميد» حقيق بالحمد وإن لم يحمده أحد أو محمود بالفعل ينطق بحمده جميع المخلوقات بلسان الحال وعدم التعرض لكونه تعالى مشكورا لما أن الحمد متضمن للشكر بل هو رأسه كما قال صلى الله عليه وسلم الحمد رأس الشكر لم يشكر الله عبد لم يحمده فإثباته له تعالى إثبات للشكر له قطعا «وإذ قال لقمان لابنه» أنعم وقيل أشكم وقيل ماثان «وهو يعظه يا بني» تصغير إشفاق وقرئ يا بنى بإسكان الياء وبكسرها «لا تشرك بالله» قيل كان ابنه كافرا فلم يزل به حتى اسلم ومن وقف على لا تشرك جعل بالله قسما «إن الشرك لظلم عظيم» تعليل للنهي أو للانتهاء عن الشرك «ووصينا الإنسان بوالديه» الخ كلام مستأنف اعترض به على نهج الاستطراد في أثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيها من النهى عن الشرك وقوله تعالى «حملته أمه» إلى قوله في عامين اعتراض بين المفسر والمفسر وقوله تعالى «وهنا» حال من أمه أي ذات وهن أو مصدر مؤكد لفعل هو الحال أي تهن وهنا
(٧١)