نعيم جنات فعكس للمبالغة والجملة خبر ان والأحسن ان يجعل لهم هو الخبر لان وجنات النعيم مرتفعا به على الفاعلية وقوله تعالى «خالدين فيها» حال من الضمير في لهم أو من جنات النعيم لاشتماله على ضميريهما والعامل ما تعلق به اللام «وعد الله حقا» مصدران مؤكدان الأول لنفسه والثاني لغيره لان قوله تعالى لهم جنات النعيم في معنى وعدهم الله جنات النعيم فأكد معنى الوعد بالوعد واما حقا فدال على معنى الثبات اكد به معنى الوعد ومؤكدهما جميعا لهم جنات النعيم «وهو العزيز» الذي لا يغلبه شيء ليمنعه من انجاز وعده أو تحقيق وعيده «الحكيم» الذي لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة «خلق السماوات بغير عمد» الخ استئناف مسوق للاستشهاد بما فصل فيه على عزته تعالى التي هي كمال القدرة وحكمته التي هي كمال العلم وتمهيد قاعدة التوحيد وتقريره وابطال امر الاشراك وتبكيت أهله والعمد جمع عماد كأهب جمع اهاب وهو ما يعمد به أي يسند يقال عمدت الحائط إذا دعمته أي بغير دعائم على ان الجمع لتعدد السماوات وقوله تعالى «ترونها» استئناف جيء به للاستشهاد على ما ذكر من خلقه تعالى لها غير معهودة بمشاهدتهم لها كذلك أو صفة لعمد أي خلقها بغير عمد مرئية على ان التقييد للرمز إلى انه تعالى عمدها بعمد لا ترونها هي عمد القدرة «وألقى في الأرض رواسي» بيان لصنعه البديع في قرار الأرض اثر بيان صنعه الحكيم في قرار السماوات أي القى فيها جبالا ثوابت وقد مر ما فيه من الكلام في سورة الرعد «أن تميد بكم» كراهة ان تميل بكم فإن بساطة اجزائها تقتضي تبدل أحيازها وأوضاعها لامتناع اختصاص كل منها لذاته أو لشيء من لوازمه بحيز معين ووضع مخصوص «وبث فيها من كل دابة» من كل نوع من أنواعها «وأنزلنا من السماء ماء» هو المطر «فأنبتنا فيها» بسبب ذلك الماء «من كل زوج كريم» من كل صنف كثير المنافع والالتفات إلى نون العظمة في الفعلين لابراز مزيد الاعتناء بأمرها «هذا» أي ما ذكر من السماوات والأرض وما تعلق بهما من الأمور المعدودة «خلق الله» أي مخلوقه «فأروني ماذا خلق الذين من دونه» مما اتخذ تموهم شركاء له سبحانه في العبادة حتى استحقوا به المعبودية وماذا نصب بخلق أو ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا بصلته وأروني متعلق به وقوله تعالى «بل الظالمون في ضلال مبين» اضراب عن تبكيتهم بما ذكر إلى التسجيل عليهم بالضلال البين المستدعي للاعراض عن مخاطبتهم بالمقدمات المعقولة الحقة لاستحالة ان يفهموا منها شيئا فيهتدوا به إلى العلم ببطلان ما هم عليه أو يتأثروا من الالزام والتبكيت فينزجروا عنه ووضع الظاهر موضع ضميرهم للدلالة على انهم بإشراكهم
(٧٠)