خبير بأن حقيته تعالى وعلوه وكبرياءه وان كانت صالحة لمناطية ما ذكر من الاحكام المعدودة لكن بطلان الهية الأصنام لا دخل له في المناطية قطعا فلا مساغ لنظمه في سلك الأسباب بل هو تعكيس للامر ضرورة ان الاحكام المذكورة هي المقتضية لبطلانها لا ان بطلانها يقتضيها «ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله» بإحسانه في تهيئة أسبابه وهو استشهاد آخر على باهر قدرته وغاية حكمته وشمول انعامه والباء اما متعلقة بتجري أو بمقدر هو حال من فاعله أي ملتبسة بنعمته تعالى وقرئ الفلك بضم اللام وبنعمات الله وعين فعلات يجوز فيه الكسر والفتح والسكون «ليريكم من آياته» أي بعض دلائل وحدته وعلمه وقدرته وقوله تعالى «إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور» تعليل لما قبله أي ان فيما ذكر لآيات عظيمة في ذاتها كثيرة في عددها لكل من يبالغ في الصبر على المشاق فيتعب نفسه في التفكر في الأنفس والآفاق ويبالغ في الشكر على نعمائه وهما صفتا المؤمن فكأنه قيل لكل مؤمن «وإذا غشيهم» أي علاهم وأحاط بهم «موج كالظلل» كما يظل من جبل أو سحاب أو غيرهما وقرئ كالظلال جمع ظلة كقلة وقلال «دعوا الله مخلصين له الدين» لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الدواهي والشدائد «فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد» أي مقيم على القصد السوى الذي هو التوحيد أو متوسط في الكفر لانزجاره في الجملة «وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار» غدار فإنه نقض للعهد الفطري أو رفض لما كان في البحر والختر أشد الغدر وأقبحه «كفور» مبالغ في كفران نعم الله تعالى «يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده» أي لا يقضى عنه وقرئ لا يجزي من أجزأ إذا اغنى والعائد إلى الموصوف محذوف أي لا يجزي فيه «ولا مولود» عطف على والد أو هو مبتدأ خبره «هو جاز عن والده شيئا» وتغيير النظم للدلالة على ان المولود أولى بأن لا يجزي وقطع من توقع من المؤمنين ان ينفع أباه الكافر في الآخرة «إن وعد الله» بالثواب والعقاب «حق» لا يمكن إخلافه أصلا «فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور» أي الشيطان المبالغ في الغرور بأن يحملكم على المعاصي
(٧٧)