تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ٥٦
«من أنفسكم أزواجا» فإن خلق أصل أزواجكم حواء من ضلع آدم عليه السلام متضمن لخلقهن من أنفسكم على ما عرفته من التحقيق أو من جنسكم لا من جنس آخر وهو الأوفق لقوله تعالى «لتسكنوا إليها» أي لتألفوها وتميلوا إليها وتطمئنوا بها فإن المجانسة من دواعي التضام والتعارف كما ان المخالفة من أسباب التفرق والتنافر «وجعل بينكم» أي بين الأزواج اما على تغليب الرجال على النساء في الخطاب أو على حذف ظرف معطوف على الظرف المذكور أي جعل بينكم وبينهن كما مر في قوله تعالى لا نفرق بين أحد من رسله وقيل أو بين افراد الجنس أي بين الرجال والنساء ويأباه قوله تعالى «مودة ورحمة» فإن المراد بهما ما كان منهما بعصمة الزواج قطعا أي جعل بينكم بالزواج الذي شرعه لكم توادا وتراحما من غير ان يكون بينكم سابقة معرفة ولا رابطة مصححة للتعاطف من قرابة أو رحم قيل المودة والرحمة من قبل الله تعالى والفرك من الشيطان وعن الحسن رحمه الله المودة كناية عن الجماع والرحمة عن الولد كما قال تعالى ورحمة منا «إن في ذلك» أي فيما ذكر من خلقهم من تراب وخلق أزواجهم من أنفسهم والقاء المودة والرحمة بينهم وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار اليه للاشعار ببعد منزلته «لآيات» عظيمة لا يكتنه كنهها كثيرة لا يقادر قدرها «لقوم يتفكرون» في تضاعيف تلك الأفاعيل المتينة المبنية على الحكم البالغة والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبله مع التنبيه على ان ما ذكر ليس بآية فذة كما ينبئ عنه قوله تعالى ومن آياته بل هي مشتملة على آيات شتى ومن آياته الدالة على ما ذكر من امر البعث وما يتلوه من الجزاء «خلق السماوات والأرض» اما من حيث ان القادر على خلقهما بما فيهما من المخلوقات بلا مادة مستعدة لها اظهر قدرة على إعادة ما كان حيا قبل ذلك واما من حيث ان خلقهما وما فيهما ليس الا لمعاش البشر ومعادة كما يفصح عنه قوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا وقوله تعالى وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا «واختلاف ألسنتكم» أي لغاتكم بأن علم كل صنف لغته وألهمه وضعها وأقدره عليها أو أجناس نطقكم وإشكاله فإنك لا تكاد تسمع منطقين متساويين في الكيفية من كل وجه «وألوانكم» ببياض الجلد وسواده وتوسطه فيما بينهما أو تخطيطات الأعضاء وهيآتها وألوانها وحلاها بحيث وقع بها التمايز بين الاشخاص حتى ان التوأمين مع توافق موادهما وأسبابهما والأمور المتلاقية لهما في التخليق يختلفان في شيء من ذلك لا محالة وان كانا في غاية التشابه وانما نظم هذا في سلك الآيات الآفافية من خلق السماوات والأرض مع كونه من الآيات الأنفسية الحقيقة بالانتظام في سلك ما سبق من خلق أنفسهم وأزواجهم للايذان باستقلاله والاحتراز عن توهم كونه من تتمات خلقهم «إن في ذلك» أي فيما ذكر من خلق السماوات والأرض واختلاف الألسنة والألوان «لآيات» عظيمة في أنفسها كثيرة في عددها «للعالمين» أي المتصفين بالعلم كما في قوله تعالى وما يعقلها
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283