بل قيامهما واستمرارهما على ما هما عليه إلى أجلهما الذي نطق به قوله تعالى فيما قبل ما خلق السماوات والأرض وما بينهما الا بالحق واجل مسمى وحيث كانت هذه الآية متأخرة عن سائر الآيات المعدودة متصلة بالبعث في الوجود أخرت عنهن وجعلت متصلة به في الذكر أيضا فقيل «ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون» فإنه كلام مسوق للاخبار بوقوع البعث ووجوده بعد انقضاء اجل قيامهما مترتب على تعداد آياته الدالة عليه غير منتظم في سلكها كما قيا كأنه قيل ومن آياته قيام السماوات والأرض على هيآتهما بأمره تعالى إلى اجل مسمى قدرة الله تعالى لقيامهما ثم إذا دعاكم أي بعد انقضاء الاجل من الأرض وأنتم في قبوركم دعوة واحدة بأن قال أيها الموتى اخرجوا فاجأتم الخروج منها وذلك قوله تعالى يومئذ يتبعون الداعي ومن الأرض متعلق بدعاكم إذ يكفي في ذلك كون المدعو فيها يقال دعوته من أسفل الوادي فطلع إلى لا بتخرجون لان ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها «وله» خاصة «من في السماوات والأرض» من الملائكة والثقلين خلقا وملكا وتصرفا ليس لغيره شركة في ذلك بوجه من الوجوه «كل له قانتون» أي منقادون لفعله لا يمتنعون عليه في شأن من شؤونه تعالى «وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده» بعد موتهم وتكريره لزيادة التقرير والتمهيد لما بعده من قوله تعالى «وهو أهون عليه» أي بإضافة إلى قدركم والقياس على أصولكم والا فهما عليه سواء وقيل أهون بمعنى هين وتذكير الضمير مع رجوعه إلى الإعادة لما انها مؤولة بأن يعيد وقيل هو راجع إلى الخلق وليس بذاك واما ما قيل من ان الانشاء بطريق التفضل الذي يتخير فيه الفاعل بين الفعل والترك والإعادة من قبيل الواجب الذي لا بد من فعله حتما فكان أقرب إلى الحصول من الانشاء المتردد بين الحصول وعدمه فبمعزل من التحصيل إذ ليس المراد بأهونية الفعل أقربيته إلى الوجود باعتبار كثرة الأمور الداعية للفاعل إلى ايجاده وقوة اقتضائها لتعلق قدرته به بل أسهلية تأتيه وصدوره عنه بعد تعلق قدرته بوجوده وكونه واجبا بالغير ولا تفاوت في ذلك بين ان يكون ذلك التعليق بطريق الايجاب أو بطريق الاختيار «وله المثل الأعلى» أي الوصف الاعلى العجيب الشأن من القدرة العامة والحكمة التامة وسائر صفات الكمال التي ليس لغيره ما يدانيها فضلا عما يساويها ومن فسره بقول لا اله الا الله أراد به الوصف بالوحدانية «في السماوات والأرض» متعلق بمضمون الجملة المتقدمة على معنى انه تعالى قد وصف به وعرف فيهما على السنة الخلائق والسنة الدلائل وقيل متعلق بالا على وقيل بمحذوف هو حال منه أو من المثل أو من ضميره في الأعلى «وهو العزيز» القادر الذي لا يعجز عن بدء ممكن واعادته
(٥٨)