وضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالإساءة والاشعار بعلة الحكم «السوأى» أي العقوبة التي هي أسوأ العقوبات وأفظعها التي هي العقوبة بالنار فإنها تأنيث الأسوأ كالحسنى تأنيث الأحسن أو مصدر كالبشري وصف به العقوبة مبالغة كأنها نفس السوأى وهي مرفوعة على انها اسم كان وخبرها عاقبة وقرئ على العكس وهو ادخل في الجزالة وقوله تعالى «أن كذبوا بآيات الله» علة لماء أشير اليه من تعذيبهم الدنيوي والأخروي أي لان كذبوا أو بأن كذبوا بآيات الله المنزلة على رسله عليهم الصلاة والسلام ومعجزاته الظاهرة على أيديهم وقوله تعالى «وكانوا بها يستهزؤون» عطف على كذبوا داخل معه في حكم العلية وايراد الاستهزاء بصيغة المضارع للدلالة على استمراره وتجدده هذا هو اللائق بجزالة النظم الجليل وقد قيل وقيل «الله يبدأ الخلق» أي ينشئهم «ثم يعيده» بعد الموت بالبعث «ثم إليه ترجعون» إلى موقف الحساب والجزاء والالتفات للمبالغة في الترهيب وقرئ بالياء «ويوم تقوم الساعة» التي هي وقت إعادة الخلق ورجعهم اليه «يبلس المجرمون» أي يسكتون متحيرين لا ينبسون يقال ناظرته فأبلس إذا سكت وأيس من ان يحتج وقرئ بفتح اللام من أبلسه إذا أفحمه وأسكته «ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء» يجيرونهم من عذاب الله تعالى كما كانوا يزعمونه وصيغة الجمع لوقوعها في مقابلة الجمع أي لم يكن لواحد منهم شفيع أصلا «وكانوا بشركائهم كافرين» أي بإلهيتهم وشركتهم لله سبحانه حيث وقفوا على كنه امرهم وصيغة الماضي للدلالة على تحققه وقيل كانوا في الدنيا كافرين بسببهم وليس بذاك إذ ليس في الاخبار به فائدة يعتد بها «ويوم تقوم الساعة» أعيد لتهويله وتفظيع ما يقع فيه وقوله تعالى «يومئذ يتفرقون» تهويل له اثر تهويل وفيه رمز إلى ان التفرق يقع في بعض منه وضمير يتفرقون لجميع الخلق المدلول عليهم بما تقدم من بدئهم وإعادتهم ورجعهم لا المجرمون خاصة وليس المراد بتفرقهم افتراق كل فرد منهم عن الآخر بل تفرقهم إلى فريقي المؤمنين والكافرين كما في قوله تعالى فريق في الجنة وفريق في السعير وذلك بعد تمام الحساب وقوله تعالى «فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون» تفصيل وبيان لأحوال ذينك الفريقين والروضة كل ارض ذات نبات وماء ورونق ونضارة وتنكيرها للتفخيم والمراد بها الجنة والحبور السرور يقال حبره إذا سره سرورا تهلل له وجهه وقيل الحبرة كل نعمة حسنة والتحبير التحسين واختفلت فيه الأقاويل لاحتماله وجوه جميع المسار فعن ابن عباس ومجاهد يكرمون وعن قتادة
(٥٣)