تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ٥٢
وانه لابد لها من انتهاء إلى وقت يجازيها فيه الحكيم الذي دبر امرها على الاحسان احسانا وعلى الإساءة مثلها حتى يعلموا عند ذلك ان سائر الخلائق كذلك امرها جار على الحكمة والتدبير وانه لا بد لها من الانتهاء إلى ذلك الوقت وأنت خبير بأن امر معاد الانسان ومجازاته بما عمل من الإساءة والاحسان هو المقصود بالذات والمحتاج إلى الاثبات فجعله ذريعة إلى اثبات معاد ما عداه مع كونه بمعزل من الجزاء تعكيس للامر فتدبر قوله تعالى «وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون» تذييل مقرر لما قبله ببيان ان أكثرهم غير مقتصرين على ما ذكر من الغفلة عن أحوال الآخرة والاعراض عن التفكر فيما يرشدهم إلى معرفتها من خلق السماوات والأرض وما بينهما من المصنوعات بل هم منكرون جاحدون بلقاء حسابه تعالى وجزائه بالبعث «أو لم يسيروا» توبيخ لهم بعدم اتعاظهم بمشاهدة أحوال أمثالهم الدالة على عاقبتهم ومآلهم والهمزة لتقرير المنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي اقعدوا في أماكنهم ولم يسيروا «في الأرض» وقوله تعالى «فينظروا» عطف على يسيروا داخل في حكم التقرير والتوبيخ والمعنى انهم قد ساروا في أقطار الأرض وشاهدوا «كيف كان عاقبة الذين من قبلهم» من الأمم المهلكة كعاد وثمود وقوله تعالى «كانوا أشد منهم قوة» الخ بيان لمبدأ أحوالهم ومآلها يعني انهم كانوا أقدر منهم على التمتع بالحياة الدنيا حيث كانوا أشد منهم قوة «وأثاروا الأرض» أي قلبوها للزراعة والحرث وقيل لاستنباط المياه واستخراج المعادن وغير ذلك «وعمروها» أي عمرها أولئك بفنون العمارات من الزراعة والغرس والبناء وغيرها مما يعد عمارة لها «أكثر مما عمروها» أي عمارة أكثر كما وكيفا وزمانا من عمارة هؤلاء إياها كيف لا وهم أهل واد غير ذي زرع لا تبسط لهم في غيره وفيه تهكم بهم حيث كانوا مغترين بالدنيا مفتخرين بمتاعها مع ضعف حالهم وضيق عطنهم إذ مدار امرها على التبسط في البلاد والتسلط على العباد والتقلب في أكناف الأرض بأصناف التصرفات وهم ضعفة ملجئون إلى واد لا نفع فيه يخافون ان يتخطفهم الناس «وجاءتهم رسلهم بالبينات» بالمعجزات أو الآيات الواضحات «فما كان الله ليظلمهم» أي فكذبوهم فأهلكهم فما كان الله ليهلكهم من غير جرم يستدعيه من قبلهم والتعبير عن ذلك بالظلم مع ان اهلاكه تعالى إياهم بلا جرم ليس من الظالم في شيء على ما تقرر من قاعدة أهل السنة لاظهار كمال نزاهته تعالى عن ذلك بإبرازه في معرض ما يستحيل صدوره عنه تعالى وقد مر في سورة الأنفال وسورة آل عمران «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون» بأن اجترءوا على اقتراف ما يوجبه من المعاصي العظيمة «ثم كان عاقبة الذين أساؤوا» أي عملوا السيئات
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283