الا العالمون وقرئ بفتح اللام وفيه دلالة على كمال وضوح الآيات وعدم خفائها على أحد من الخلق كافة «ومن آياته منامكم بالليل والنهار» لاستراحة القوى النفسانية وتقوى القوى الطبيعية «وابتغاؤكم من فضله» فيهما فإن كلا من المنام وابتغاء الفضل يقع في الملوين وان كان الأغلب وقوع الأول في الأول والثاني في الثاني أو منامكم بالليل وابتغاؤكم بالنهار كما هو المعتاد والموافق لسائر الآيات الواردة في ذلك خلا انه فصل بين القرينين الأولين بالقرينين الأخيرين لأنهما زمان والزمان مع ما وقع فيه كشيء واحد مع إعانة اللف على الاتحاد «إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون» أي شأنهم ان يسمعوا الكلام سماع تفهم واستبصار حيث يتأملون في تضاعيف هذا البيان ويستدلون بذلك على شؤونه تعالى «ومن آياته يريكم البرق» الفعل اما مقدر بأن كما في قول من قال [ألا أيهذا الزاجري احضر الوغي] أي ان احضر أو منزل منزلة المصدر وبه فسر المثل المشهور تسمع بالمعيدي خير من ان تراه أو هو على حاله صفة لمحذوف أي آية يريكم بها البرق كقول من قال [وما الدهر الا نارتان فمنها * أموت وأخرى ابتغي العيش أكدح] * أي فمنهما تارة أموت فيها وأخرى ابتغي فيها أو ومن آياته شيء أو سحاب يريكم البرق خوفا من الصاعقة أو للمسافر «وطمعا» في الغيث أو للمقيم ونصبهما على العلة لفعل يستلزمه المذكور فإن إراءتهم البرق مستلزمة لرؤيتهم إياه أو للمذكور نفسه على تقدير مضاف نحو إراءة خوف وطمع أو على تأويل الخوف والطمع بالإخافة والأطماع كقولك فعلنه رغما للشيطان أو على الحال نحو كلمته شفاها «وينزل من السماء ماء» وقرئ بالتخفيف «فيحيي به الأرض» بالنبات «بعد موتها» يبسها «إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون» فإنها من الظهور بحيث يكفي في ادراكها مجرد العقل عند استعماله في استنباط أسبابها وكيفية تكونها «ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره» أي بإرادته تعالى لقيامهما والتعبير عنها بالامر للدلالة على كمال القدرة والغني عن المبادى والأسباب وليس المراد بإقامتهما إنشاءهما لأنه قد بين حاله بقوله تعالى ومن آياته خلق السماوات والأرض ولا إقامتهما بغير مقيم محسوس كما قيل فإن ذلك من تتمات انشائهما وان لم يصرح به تعويلا على ما ذكر في غير موضع من قوله تعالى خلق السماوات بغير عمد ترونها الآية
(٥٧)