بينهما فاصل «ولا هم يستعتبون» لا يدعون إلى ما يقتضى إعتابهم أي إزالة عتبهم من التوبة والطاعة كما دعوا اليه في الدنيا من قولهم استعتبني فلان فأعتبته أي استرضاني فأرضيته «ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل» أي وبالله لقد بينا لهم كل حال ووصفنا لهم كل صفة كأنها في غرابتها مثل وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن كصفة المبعوثين يوم القيامة وقصتهم وما يقولون وما يقال لهم ويفعل بهم من رد اعتذارهم «ولئن جئتهم بآية» من آيات القرآن الناطقة بأمثال ذلك «ليقولن الذين كفروا» لفرط عتوهم وعنادهم وقساوة قلوبهم مخاطبين للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين «إن أنتم إلا مبطلون» أي مزورون «كذلك» مثل ذلك الطبع الفظيع «يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون» لا يطلبون العلم ولا يتحرون الحق بل يصرون على خرافات اعتقدوها وترهات ابتدعوها فإن الجهل المركب يمنع ادراك الحق ويوجب تكذيب المحق «فاصبر» على ما نشاهد منهم من الأقوال الباطلة والافعال السيئة «إن وعد الله حق» وقد وعدك بالنصرة واظهار الدين واعلاء كلمة الحق ولا بد من انجازه والوفاء به لا محالة «ولا يستخفنك» لا يحملنك على الخفة والقلق «الذين لا يوقنون» بما تتلو عليهم من الآيات البينة بتكذيبهم إياها وايذائهم لك بأباطيلهم التي من جملتها قولهم ان أنتم الا مبطلون فإنهم شاكون ضالون ولا يستبعد منهم أمثال ذلك وقرئ بالنون المخففة وقرئ ولا يستحقنك من الاستحقاق أي لا يفتننك فيملكوك ويكونوا أحق بك من المؤمنين وأيا ما كان فظاهر النظم الكريم وان كان نهيا للكفرة عن استخفافه صلى الله عليه وسلم واستحقاقه لكنه في الحقيقة نهى له صلى الله عليه وسلم عن التأثر من استخفافهم والافتتان بفتنتهم على طريق الكناية كما في قوله تعالى ولا يجر منكم شنآن قوم على ان لا تعدلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرا سورة الروم كان له من الاجر عشر حسنات بعدد كل ملك يسبح الله تعالى بين السماء والأرض وأدرك ما ضيع في يومه وليلته
(٦٧)