ينعمون وعن ابن كيسان يحلون وعن بكر بن عياش التيجان على رؤوسهم وعن وكيع السماع في الجنة وعن النبي صلى الله عليه وسلم انه ذكر الجنة وما فيها من النعيم وفي آخر القوم اعرابي فقال يا رسول الله هل في الجنة من سماع قال صلى الله عليه وسلم يا اعرابي ان في الجنة لنهرا حافتاه لابكار من كل بيضاء خوصانية يتغنين بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها قط فذلك أفضل نعيم الجنة قال الراوي فسألت ابا الدرداء رضي الله عنه بم يتغنين قال بالتسبيح وروى ان في الجنة لأشجارا عليها أجراس من فضة فإذا أراد أهل الجنة السماع بعث الله تعالى ريحا من تحت العرش فتقع في تلك الأشجار فتحرك تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طربا «وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا» التي من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل «ولقاء الآخرة» صرح بذلك مع اندراجه في تكذيب الآيات للاعتناء بأمره وقوله تعالى «فأولئك» إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة من الكفر والتكذيب بآياته تعالى وبلقاء الآخرة للايذان بكمال تميزهم بذلك عن غيرهم وانتظامهم في سلك المشاهدات وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار اليه للاشعار ببعد منزلتهم في الشر أي أولئك الموصوفون بما فصل من القبائح «في العذاب محضرون» على الدوام لا يغيبون عنه ابدا «فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون» «وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون» اثر ما بين حال فربقي المؤمنين العاملين للصالحات والكافرين المكذبين بالآيات وما لهما من الثواب والعذاب أمروا بما ينجي من الثاني ويفضي إلى الأول من تنزيه الله عز وجل عن كل مالا يليق بشأنه سبحانه ومن حمده تعالى على نعمة العظام وتقديم الأول على الثاني لما ان التخلية متقدمة على التحلية والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها أي إذا علمتم ذلك فسبحوا الله تعالى أي نزهوه عما ذكر سبحانه أي تسبيحه اللائق في هذه الأوقات واحمدوه فإن الاخبار بثبوت الحمد له تعالى ووجوبه على المميزين من أهل السماوات والأرض في معنى الامر به على أبلغ وجه وآكده وتوسيطه بين أوقات التسبيح للاعتناء بشأنه والاشعار بأن حقهما ان يجمع بينهما كما ينبئ عنه قوله تعالى ونحن نسبح بحمدك وقوله تعالى فسبح بحمد ربك وقوله صلى الله عليه وسلم من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر وقوله صلى الله عليه وسلم من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به الا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه وقوله صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وغير ذلك مما لا يحصى من الآيات والأحاديث وتخصيصهما بتلك الأوقات للدلالة على ان ما يحدث فيها من آيات قدرته واحكام
(٥٤)