العلم بها «وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار» الجامع لجميع صفات الألوهية من كمال القدرة والغلبة وما يتوقف عليه من العلم والإرادة والتمكن من المجازاة والقدرة على التعذيب والغفران «لا جرم» لا رد لما دعوه اليه وجرم فعل ماض بمعنى حق وفاعله قوله تعالى «أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة» أي حق ووجب عدم دعوة آلهتكم إلى عبادتها أصلا أو عدم دعوة مستجابة دعوة لها وقيل جرم بمعنى كسب وفاعله مستكن فيه أي كسب ذلك الدعاء اليه بطلان دعوته بمعنى ما حصل من ذلك الا ظهور بطلان دعوته وقيل جرم فعل من الجرم وهو القطع كما ان بدا من لا بد فعل من التبديد أي التفريق والمعنى لا قطع لبطلان ألوهية الأصنام أي لا ينقطع في وقت ما فينقلب حقا ويؤيده قولهم لاجرم انه يفعل بضم الجيم وسكون الراء وفعل وفعل اخوان كرشد ورشد «وأن مردنا إلى الله» أي بالموت عطف على ان ما تدعونني داخل في حكمه وكذا قوله تعالى «وأن المسرفين» أي في الضلال والطغيان كالاشراك وسفك الدماء «هم أصحاب النار» أي ملازموها «فستذكرون» وقرئ فستذكرون أي فسيذكر بعضكم بعضا عند معاينة العذاب «ما أقول لكم» من النصائح «وأفوض أمري إلى الله» قاله لما انهم كانوا توعدوه «إن الله بصير بالعباد» فيحرس من يلوذ به من المكاره «فوقاه الله سيئات ما مكروا» شدائد مكرهم وما هموا به من الحاق أنواع العذاب بمن خالفهم قيل نجامع موسى عليه السلام «وحاق بآل فرعون» أي بفرعون وقومه وعدم التصريح به للاستغناء بذكرهم عن ذكره ضرورة انه أولى منهم بذلك وقيل بطلبة المؤمن من قومه لما انه فر إلى جبل فاتبعه طائفة ليأخذوه فوجدوه يصلي والوحوش صفوف حوله فرجعوا رعبا فقتلهم «سوء العذاب» الغرق والقتل والنار «النار يعرضون عليها غدوا وعشيا» جملة مستأنفة مسوقة لبيان كيفية سوء العذاب أو النار خبر مبتدأ محذوف كأن قائلا قال ما سوء العذاب فقيل هو النار ويعرضون استئناف للبيان أو بدل من سوء العذاب ويعرضون حال منها أو من الآل ولا يشترط في الحيق ان يكون الحائق ذلك السوء بعينه حتى يرد ان آل فرعون لم يهموا بتعذيبه بالنار ليكون ابتلاؤهم بها من قبيل رجوع ما هموا به عليهم بل يكفي في ذلك ان يكون مما يطلق عليه اسم السوء وقرئت منصوبة على الاختصاص أو بإضمار فعل يفسره يعرضون مثل يصلون فإن عرضهم على النار بإحراقهم بها من قولهم عرض الأساري على السيف إذا قتلوا به وذلك لأرواحهم
(٢٧٨)