بالبينات» أي ألم تنبهوا على هذا ولم تك تأتيكم رسلكم في الدنيا على الاستمرار بالحجج الواضحة الدالة على سوء مغبة ما كنتم عليه من الكفر والمعاصي كما في قوله تعالى ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا أرادوا بذلك الزامهم وتوبيخهم على إضاعة أوقات الدعاء وتعطيل أسباب الإجابة «قالوا بلى» أي اتونا بها فكذبناهم كما نطق به قوله تعالى بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ان أنتم الا في ضلال كبير والفاء في قوله تعالى «قالوا فادعوا» فصحية كما في قول من قال فقد جئنا خراسانا أي إذا كان الامر كذلك فادعوا أنتم فإن الدعاء لمن يفعل ذلك مما يستحيل صدوره عنا وتعليل امتناعهم عن الدعاء بعدم الاذن فيه مع عرائه عن بيان ان سببه من قبلهم كما تفصح عنه الفاء ربما يوهم ان الاذن في حيز الامكان وانهم لو اذن لهم فيه لفعلوا ولم يريدوا بأمرهم بالدعاء أطماعهم في الإجابة بل إقناطهم منها واظهار خيبتهم حسبما صرحوا في قولهم «وما دعاء الكافرين إلا في ضلال» أي ضياع وبطلان وقوله تعالى «إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا» الخ كلام مستأنف مسوق من جهته تعالى لبيان ان ما صاب الكفرة من العذاب المحكي من فروع حكم كلي تقتضيه الحكمة وهو ان شأننا المستمر انا ننصر رسلنا واتباعهم «في الحياة الدنيا» بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل والسبي وغير ذلك من العقوبات ولا يقدح في ذلك ما قد يتفق لهم من صورة الغلبة امتحانا إذ العبرة انما هي بالعواقب وغالب الامر «ويوم يقوم الأشهاد» أي يوم القيامة عبر عنه بذلك للاشعار بكيفية النصرة وانها تكون عند جميع الأولين والآخرين بشهادة الاشهاد للرسل بالتبليغ وعلى الكفرة بالتكذيب «يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم» بدل من الأول وعدم نفع المعذرة لأنها باطلة وقرئ لا تنفع بالتاء «ولهم اللعنة» أي البعد عن الرحمة «ولهم سوء الدار» أي جهنم «ولقد آتينا موسى الهدى» ما يهتدي به من المعجزات والصحف والشرائع «وأورثنا بني إسرائيل الكتاب» وتركنا عليهم من بعده التوراة «هدى وذكرى» هداية وتذكرة أو هاديا ومذكرا «لأولي الألباب» لذوي العقول السليمة العاملين بما في تضاعيفه «فاصبر» على ما نالك من أذية المشركين «إن وعد الله» أي وعده الذي ينطق به قوله تعالى ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون أو وعده الخاص بك أو جميع مواعيده التي من جملتها ذلك «حق» لا يحتمل الاخلاف أصلا واستشهد بحال موسى وفرعون
(٢٨٠)