«فإذا جاء أمر الله» بالعذاب في الدنيا والآخرة «قضي بالحق» بإنجاء المحق وإثابته واهلاك المبطل وتعذيبه «وخسر هنالك» أي وقت مجيء امر الله اسم مكان استعير للزمان «المبطلون» أي المتمسكون بالباطل على الاطلاق فيدخل فيهم المعاندون المقترحون دخولا أوليا «الله الذي جعل لكم الأنعام» قيل هي الإبل خاصة أي خلقها لأجلكم ومصلحتكم وقوله تعالى «لتركبوا منها ومنها تأكلون» تفصيل لما دل عليه اللام اجمالا ومن لابتداء الغاية ومعناها ابتداء الركوب والاكل منها أي تعلقهما بها وقيل للتبعيض أي لتركبوا بعضها وتأكلوا بعضها لا على ان كلا من الركوب والاكل مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الاخر بل على ان كل بعض منها صالح لكل منهما وتغيير النظم الكريم في الجملة الثانية لمراعاة الفواصل مع الاشعار بأصالة الركوب «ولكم فيها منافع» اخر غير الركوب والاكل كألبانها وأوبارها وجلودها «ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم» بحمل أثقالكم من بلد إلى بلد «وعليها وعلى الفلك تحملون» لعل المراد به حمل النساء والولدان عليها بالهودج وهو السر في فصله عن الركوب والجمع بينها وبين الفلك في الحمل لما بينهما من المناسبة التامة حتى سميت سفائن البر وقيل هي الأزواج الثمانية فمعنى الركوب والاكل منها تعلقهما بالكل لكن لا على أن كلا منهما يجوز تعلقه بكل منها ولا على ان كلا منهما مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على ان بعضها يتعلق به الاكل فقط كالغنم وبعضها يتعلق به كلاهما كالإبل والبقر والمنافع تعم الكل وبلوغ الحاجة عليها يعم البقر «ويريكم آياته» دلائله الدالة على كمال قدرته ووفور رحمته «فأي آيات الله» أي فأي آية من تلك الآيات الباهرة «تنكرون» فإن كلا منها من الظهور بحيث لا يكاد يجترىء على انكارها من له عقل في الجملة وهو ناصب لأي وإضافة الآيات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة وتهويل انكارها وتذكير أي هو الشائع المستفيض والتأنيث قليل لان التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة غريب وهي في أي اغرب لابهامه «أفلم يسيروا» أي اقعدوا فلم يسيروا «في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم» من الأمم المهلكة وقوله تعالى «كانوا أكثر منهم وأشد قوة» الخ استئناف مسوق لبيان مبادى أحوالهم وعواقبها «وآثارا في الأرض» باقية بعدهم من الابنية والقصور والمصانع وقيل هي آثار اقدامهم في الأرض لعظم اجرامهم «فما أغنى عنهم ما كانوا
(٢٨٦)