«ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله» لوضوح الدليل وسنوح السبيل «قل» تبكيتا لهم «أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره» أي بعد ما تحققتم ان خالق العالم العلوي والسفلي هو الله عز وجل فأخبروني ان آلهتكم إن أرادني الله بضر هل يكشفن عنى ذلك الضر «أو أرادني برحمة» أي أو أرادني بنفع «هل هن ممسكات رحمته» فيمنعنها عنى وقرئ كاشفات ضره وممسكات رحمته بالتنوين فيهما ونصب ضره ورحمته وتعليق إرادة الضر والرحمة بنفسه عليه الصلاة والسلام للرد في نحورهم حيث كانوا خوفوه معرة الأوثان ولما فيه من الايذان بإمحاض النصيحة «قل حسبي الله» أي في جميع أموري من إصابة الخير ودفع الشر روى انه صلى الله عليه وسلم لما سألهم سكتوا فنزل ذلك «عليه يتوكل المتوكلون» لا على غير أصلا لعلمهم بأن كل ما سواه تحت ملكوته تعالى «قل يا قوم اعملوا على مكانتكم» على حالتكم التي أنتم عليها من العداوة التي تمكنتم فيها فإن المكانة تستعار من العين للمعنى كما تستعار هنا وحيث للزمان مع كونهما للمكان وقرئ على مكاناتكم «إني عامل» أي على مكانتي فحذف للاختصار والمبالغة في الوعيد والاشعار بأن حاله لا تزال تزداد قوة بنصر الله عز وجل وتأييده ولذلك توعدهم بكونه منصورا عليهم في الدارين بقوله تعالى «فسوف تعلمون» «من يأتيه عذاب يخزيه» فإن خزى أعدائه دليل غلبته عليه الصلاة والسلام وقد عذبهم الله تعالى وأخزاهم يوم بدر «ويحل عليه عذاب مقيم» أي دائم هو عذاب النار «إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس» لأجلهم فإنه مناط مصالحهم في المعاش والمعاد «بالحق» حال من فاعل أنزلنا أو من مفعوله «فمن اهتدى» بأن عمل بما فيه «فلنفسه» أي إنما نفع به نفسه «ومن ضل» بأن لم يعمل بموجبه «فإنما يضل عليها» لما أن وبال ضلاله مقصور عليها «وما أنت عليهم بوكيل» لتجبرهم على الهدى وما وظيفتك إلا البلاغ وقد بلغت أي بلاغ «الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها» أي يقبضها من الأبدان
(٢٥٦)