«إن هذا أخي» استئناف لبيان ما فيه الخصومة أي أخي في الدين أو في الصحبة والتعرض لذلك تمهيد لبيان كمال قبح ما فعل به صاحبه «له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة» هي الأنثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة والكناية والتعريض أبلغ في المقصود وقرئ تسع وتسعون بفتح التاء ونعجة بكسر النون وقرئ ولي نعجة بسكون الياء «فقال أكفلنيها» أي ملكنيها وحقيقته اجعلني أكفلها كما اكفل ما تحت يدي وقيل اجعلها كفلى أي نصيبي «وعزني في الخطاب» أي غلبني في مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج لم أقدر على رده أو في مغالبته إياي في الخطبة يقال خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطابا أي غالبني في الخطبة فغلبني حيث زوجها دوني وقرئ وعازني أي غالبني وعزني بتخفيف الزاي طالبا للخفة وهو تخفيف غريب كأنه قيس على ظلت ومست «قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه» جواب قسم محذوف قصد به عليه الصلاة والسلام المبالغة في انكار فعل صاحبه وتهجين طمعه في نعجة من ليس له غيرها مع ان له قطيعا منها ولعله عليه الصلاة والسلام قال ذلك بعد اعتراف صاحبه بما ادعاه عليه أو بناه على تقدير صدق المدعى والسؤال مصدر مضاف إلى مفعوله وتعديته إلى مفعول آخر بإلى لتضمنه معنى الإضافة والضم «وإن كثيرا من الخلطاء» أي الشركاء الذين خلطوا أموالهم «ليبغي» ليتعدى وقرئ بفتح الياء على تقدير النون الخفيفة وحذفها وبحذف الياء اكتفاء بالكسرة «بعضهم على بعض» غير مراع لحق الصحبة والشركة «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات» منهم فإنهم يتحامون عن البغي والعدوان «وقليل ما هم» أي وهم قليل وما مزيدة للابهام والتعجب من قلتهم والجملة اعتراض «وظن داود أنما فتناه» الظن مستعار للعلم الاستدلالي لما بينهما من المشابهة الظاهرة أي علم بما جرى في مجلس الحكومة وقيل لما قضى بينهما ما نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك ثم صعدا إلى السماء حيال وجهه فعلم عليه الصلاة والسلام انه تعالى ابتلاه وليس المعنى على تخصيص الفتنة به عليه الصلاة والسلام دون غيره بتوجيه القصر المستفاد من كلمة انما إلى المفعول بالقياس إلى مفعول آخر كما هو الاستعمال الشائع الوارد على توجيه القصر إلى متعلقات الفعل وقيوده باعتبار النفي فيه والاثبات فيها كما في مثل قولك انما ضربت زيدا وانما ضربته تأديبا بل على تخصيص حاله عليه الصلاة والسلام بالفتنة بتوجيه القصر إلى نفس الفعل بالقياس إلى ما يغايره من الافعال لكن لا باعتبار النفي والاثبات معا في خصوصية الفعل فإنه غير ممكن قطعا بل باعتبار النفي فيما فيه من معنى مطلق الفعل واعتبار الاثبات فيما يقارنه من المعنى المخصوص فإن كل فعل من الافعال المخصوصة ينحل
(٢٢١)