وتبرئة المخلصين عنه وإظهار لقصور شأنهم وقمائتهم أي وما منا إلا له مقام معلوم في العبادة والانتهاء إلى امر الله تعالى مقصور عليه لا يتجاوزه ولا يستطيع ان يزيل عنه خضوعا لعظمته وخشوعا لهيبته وتواضعا لجلاله كما روى فمنهم راكع لا يقيم صلبه وساجد لا يرفع رأسه قال ابن عباس رضى الله عنهما ما في السماوات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلى أو يسبح وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال أطت السماء وحق لها ان تئط والذي نفسي بيده ما فيها موضع اربع أصابع إلا وفيه ملك واضع جبهته ساجد لله تعالى وقال السدي إلا له مقام معلوم في القربة والمشاهدة «وإنا لنحن الصافون» في مواقف الطاعة ومواطن الخدمة «وإنا لنحن المسبحون» المقدسون لله سبحانه عن كل ما لا يليق بجناب كبريائه وتحلية كلامهم بفنون التأكيد لإبراز ان صدوره عنهم بكمال الرغبة والنشاط هذا هو الذي تقتضيه جزالة التنزيل وقد ذكر في تفسير الآيات الكريمة وإعرابها وجوه أخر فتأمل والله الموفق «وإن كانوا ليقولون» إن هي المخففة من الثقيلة وضمير الشأن محذوف واللام هي الفارقة أي إن الشأن كانت قريش تقول «لو أن عندنا ذكرا من الأولين» أي كتابا من كتب الأولين من التوراة والإنجيل «لكنا عباد الله المخلصين» أي لأخلصنا العبادة لله تعالى ولما خالفنا كما خالفوا وهذا كقولهم لئن جاءنا نذير لنكونن أهدى من إحدى الأمم والفاء في قوله تعالى «فكفروا به» فصيحة كما في قوله تعالى فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق أي فجاءهم ذكر واي ذكر سيد الأذكار وكتاب مهيمن على سائر الكتب والاسفار فكفروا به «فسوف يعلمون» أي عاقبه كفرهم وغائلته «ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين» استئناف مقرر للوعيد وتصديره بالقسم لغاية الاعتناء بتحقيق مضمونه أي وبالله لقد سبق وعدنا لهم بالنصرة والغلبا هو قوله تعالى «إنهم
(٢١٠)