مكية وآياتها ثمان وثمانون آية «بسم الله الرحمن الرحيم» «ص» بالسكون على الوقف وقرئ بالكسر والفتح لالتقاء الساكنين ويجوز ان يكون الفتح بإضمار حرف القسم في موضع الجر كقولهم الله لأفعلين بالجر وان يكون ذلك نصبا بإضمار اذكر أو أقر الا فتحا كما مر في فاتحة سورة البقرة وامتناع الصرف للتعريف والتأنيث لأنها علم للسورة وقد صرفها من قرا صاد بالتنوين على انه اسم الكتاب أو التنزيل وقيل هو في قراءة الكسر امر من المصاداة وهي المعارضة والمقابلة ومنها الصدى الذي ينعكس من الأجسام الصلبة بمقابلة الصوت ومعناه عارض القرآن بعملك فاعمل بأوامره وانته عن نواهيه وتخلق بأخلاقه ثم ان جعل اسما للحرف مسرودا على منهاج التحدي أو الرمز إلى كلام مثل صدق الله أو صدق محمد كما نقل عن أكابر السلف أو اسما للسورة خبرا لمبتدأ محذوف أو نصبا على اضمار اذكر أو اقرا أو امرا من المصاداة قالوا وفي قوله تعالى «والقرآن ذي الذكر» للقسم وان جعل مقسما به فهي للعطف عليه فإن أريد بالقرآن كله فالمغايرة بينهما حقيقة وان أريد عين السورة فهي اعتبارية كما في قولك مررت بالرجل الكريم وبالنسبة المباركة وأيا ما كان ففي التكرير مزيد تأكيد لمضمون الجملة المقسم عليها والذكر الشرف والنباهة كما في قوله تعالى وانه لذكر لك ولقومك أو الذكرى والموعظة أو ذكر ما يحتاج اليه في امر الدين من الشرائع والاحكام وغيرها من أقاصيص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واخبار الأمم الدارجة والوعد والوعيد وجواب القسم على الوجه الأول والرابع والخامس محذوف هو ما ينبئ عنه التحدي والامر والاقسام به من كون المتحدي به معجزا وكون المأمور به واجبا وكون المقسم به حقيقا بالإعظام أي اقسم بالقرآن أو بصاد وبه إنه لمعجز أو لواجب العمل به أو لحقيق بالإعظام واما على الوجهين الباقيين فهو الكلام المرموز اليه ونفس الجملة المذكورة قبل القسم فإن التسمية تنويه بشأن المسمى وتنبيه على عظم خطره أي انه لصادق والقرآن ذي الذكر أو هذه السورة عظيمة الشأن والقرآن الخ على طريقة قولهم هذا حاتم والله ولما كان كل واحد من هذه الأجوبة منبئا عن انتفاء الريب عن مضمونه بالكلية انباء بينا كان قوله تعالى «بل الذين كفروا في عزة وشقاق» إضرابا عن ذلك كأنه قيل لا ريب فيه قطعا وليس عدم اذعان الكفرة له لشائبة ريب ما فيه بل هم في استكبار وحمية شديدة وشقاق بعيد لله تعالى ولرسوله ولذلك لا يذعنون له
(٢١٣)