تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ٢١٥
وواظبوا على عبادتهم كابرا عن كابر فإن هذا مدار كل ما يأتون وما يذرون من أمور دينهم هو التقليد والاعتياد فيعدون ما يخالف ما اعتادوه عجيبا بل محالا وأما جعل مدار تعجبهم عدم وفاء علم الواحد وقدرته بالأشياء الكثيرة فلا وجه له لما أنهم لا يدعون أن لآلهتهم علما وقدرة ومدخلا في حدوث شئ من الأشياء حتى يلزم من نفى ألوهيتهم بقاء الآثار بلا مؤثر وقرئ عجاب بالتشديد وهو أبلغ ككرام وكرام روى انه لما أسلم عمر رضى الله عنه شق ذلك على قريش فاجتمع خمسة وعشرون من صناديدهم فأتوا ابا طالب فقالوا أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وقد جئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أبن أخي هؤلاء قومك يسألونك السؤال فلا تمل كل الميل على قومك فقال صلى الله عليه وسلم ماذا تسألونني قالوا رفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك فقال صلى الله عليه وسلم أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أمعطى أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم قالوا نعم وعشرا فقال قولوا لا إله إلا الله فقاموا وقالوا ذلك «وانطلق الملأ منهم» أي وانطلق الاشراف من قريش عن مجلس أبي طالب بعد ما بكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجواب العتيد وشاهدوا تصلبه صلى الله عليه وسلم في الدين وعزيمته على أن يظهره على الدين كله ويئسوا مما كانوا يرجونه بتوسط أبى طالب من المصالحة على الوجه المذكور «أن امشوا» أي قائلين بعضهم لبعض على وجه النصيحة امشوا «واصبروا على آلهتكم» أي واثبتوا على عبادتها متحملين لما تسمعونه في حقها من القدح وأن هي المفسرة لأن الانطلاق عن مجلس التقاول لا يخلو عن القول وقيل المراد بالانطلاق الاندفاع في القول وامشوا من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها ومنه الماشية للتفاؤل أي اجتمعوا وكثروا وقرئ امشوا بغير أن على إضمار القول وقرئ يمشون ان اصبروا «إن هذا لشيء يراد» تعليل للأمر بالصبر أو لوجوب الامتثال به أي هذا الذي شاهدناه من محمد صلى الله عليه وسلم من أمر التوحيد ونفى آلهتنا وإبطال امرها لشئ يراد أي من جهته صلى الله عليه وسلم إمضاؤه وتنفيذه لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه لا قول يقال من طرف اللسان أو أمر يرجى فيه المسامحة بشفاعة أو امتنان فاقطعوا أطماعكم عن استنزاله من رأيه بوساطة أبي طالب وشفاعته وحسبكم أن لا تمنعوا من عبادة آلهتكم بالكلية فاصبروا عليها وتحملوا ما تسمعونه في حقها من القدح وسوء القالة وقيل إن هذا الأمر لشئ يريده الله تعالى ويحكم بإمضائه وما أراد الله كونه فلا مرد له ولا ينفع فيه إلا الصبر وقيل إن هذا الأمر لشئ من نوائب الدهر يراد بنا فلا انفكاك لنا منه وقيل إن دينكم لشئ يراد أي يطلب ليؤخذ منكم وتغلبوا عليه وقيل إن هذا الذي يدعيه من التوحيد أو يقصده من الرياسة والترفع على العرب والعجم لشئ يتمنى ويريده كل أحد فتأمل في هذه الأقاويل واختر منها ما يساعده النظم الجليل «ما سمعنا بهذا» الذي يقوله «في الملة الآخرة» أي الملة النصرانية التي هي آخر الملل فإنهم مثلثة أو في الملة التي
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283