ثقة بدلالة القرائن عليه وجعله بدلا من ولد الله ضعيف وتقدير القول أي لكاذبون في قولهم اصطفى الخ تعسف بعيد «ما لكم كيف تحكمون» بهذا الحكم الذي يقضى ببطلانه بديهة العقل «أفلا تذكرون» بحذف إحدى التاءين من تتذكرون وقرئ تذكرون من ذكر والفاء للعطف على مقدر أي ألا تلاحظون ذلك فلا تتذكرون بطلانه فإنه مركوز في عقل كل ذكى وغبى «أم لكم سلطان مبين» إضراب وانتقال من توبيخهم وتبكيتهم بما ذكر إلى تبكيتهم بتكليفهم ما لا يدخل تحت الوجود أصلا أي بل الكم حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بناته تعالى ضرورة أن الحكم بذلك لا بد له من سند حسى أو عقلي وحيث انتفى كلاهما فلا بد من سند نقلي «فأتوا بكتابكم» الناطق بصحة دعواكم «إن كنتم صادقين» فيها وفي هذه الآيات من الانباء عن السخط العظيم والإنكار الفظيع لأقاويلهم والاستبعاد الشديد لأباطيلهم وتسفيه أحلامهم وتركيك عقولهم وأفهامهم مع استهزاء بهم وتعجيب من جهلهم ما لا يخفى على من تأمل فيها وقوله تعالى «وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا» التفات إلى الغيبة للإيذان بانقطاعهم عن الجواب وسقوطهم عن درجة الخطاب واقتضاء حالهم ان يعرض عنهم وتحكى جناياتهم لآخرين والمراد بالجنة الملائكة قالوا الجنس واحد ولكن من خبث من الجن ومردوكان شرا كله فهو شيطان ومن طهر منهم ونسك وكان خيرا كله فهو ملك وإنما عبر عنهم بذلك الاسم وضعا منهم وتقصيرا بهم مع عظم شأنهم فيما بين الخلق أن يبلغوا منزلة المناسبة التي أضافوها إليهم فجعلهم هذا عبارة عن قولهم الملائكة بنات الله وإنما أعيد ذكره تمهيدا لما يعقبه من قوله تعالى «ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون» أي وبالله لقد علمت الجنة التي عظموها بأن جعلوا بينها وبينه تعالى نسبا وهم الملائكة أن الكفرة لمحضرون النار معذبون بها لكذبهم وافترائهم في قولهم ذلك والمراد به المبالغة في التكذيب ببيان ان الذين يدعى هؤلاء لهم تلك النسبة ويعلمون انهم أعلم منهم بحقيقة الحال يكذبونهم في ذلك ويحكمون بأنهم معذبون لأجله حكما مؤكدا وقيل إن قوما من الزنادقة يقولون الله تعالى وإبليس إخوان فالله هو الخير الكريم وإبليس هو الشرير اللئيم وهو المراد بقوله تعالى وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال الامام الرازي وهذا القول عندي أقرب الأقاويل وهو مذهب المجوس القائلين بيزدان واهرمن ويعبرون عنهما بالنور والظلمة وقال مجاهد قالت قريش
(٢٠٨)