صارت سمة لهم وعنوانا والمراد بكتاب الله تعالى القرآن وقيل جنس كتب الله فيكون ثناء على المصدقين من الأمم بعد اقتصاص حال المكذبين منهم وليس بذاك فإن صيغة المضارع منادية باستمرار مشروعية تلاوته والعمل بما فيه واستتباعهما لما سيأتي من توفية الآجور وزيادة الفضل وحملها على حكاية الحال الماضية مع كونه تعسفا ظاهرا مما لا سبيل اليه كيف لا والمقصود الترغيب في دين الاسلام والعمل بالقرآن الناسخ لما بين يديه من الكتب فالتعرض لبيان حقيقتها قبل انتساخها والاشباع في ذكر استتباعها لما ذكر من الفوائد العظيمة مما يورث الرغبة في تلاوتها والاقبال على العمل بها وتخصيص التلاوة بما لم ينسخ منها باطل قطعا لما ان الباقي مشروعا ليس الا حكمها لكن لا من حيث انه حكمها بل من حيث انه حكم القرآن واما تلاوتها فبمعزل من المشروعية واستتباع الاجر بالمرة فتدبر «وأقاموا الصلاة وأنفقوا من ما رزقناهم سرا وعلانية» كيفما اتفق من غير قصد اليهما وقيل السر في المسنونة والعلانية في المفروضة «يرجون تجارة» تحصيل ثواب الطاعة وهو خبر ان وقوله تعالى «لن تبور» أي لن تكسد ولن تهك بالخسران أصلا صفة لتجارة جئ بها للدلالة على انها ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران لأنه اشتراء باق بفان والاخبار برجائهم من أكرم الأكرمين عدة قطعية بحصول مرجوهم وقوله تعالى «ليوفيهم أجورهم» متعلق بلن تبور على معنى انه ينتفي عنها الكساد وتنفق عند الله تعالى ليوفيهم أجور اعمالهم «ويزيدهم من فضله» على ذلك من خزائن رحمته ما يشاء وقيل بمضمر دل عليه ما عد من افعالهم المرضية أي فعلوا ذلك ليوفيهم الخ وقيل بيرجون على ان اللام للعاقبة «إنه غفور شكور» تعليل لما قبله من التوفية والزيادة أي غفور لفرطاتهم شكور لطاعاتهم أي مجازيهم عليها وقيل هو خبر ان الذين ويرجون حال من واو انفقوا «والذي أوحينا إليك من الكتاب» وهو القرآن ومن للتبيين أو الجنس ومن للتبعيض وقيل اللوح ومن للابتداء «هو الحق مصدقا لما بين يديه» أي أحقه مصدقا لما تقدمه من الكتب السماوية حال مؤكدة لان حقيته تستلزم موافقته إياه في العقائد وأصول الاحكام «إن الله بعباده لخبير بصير» محيط ببواطن أمورهم وظواهرها فلو كان في أحوالك ما ينافي النبوة لم يوح إليك مثل هذا الحق المعجز الذي هو عيار على سائر الكتب وتقديم الخبير للتنبيه على ان العمدة هي الأمور الروحانية «ثم أورثنا الكتاب» أي قضينا بتوريثه منك أو نورثه والتعبير عنه بالماضي لتقرره
(١٥٢)