زوال النعم والظاهر انه الجنس المنتظم لجميع أحزان الدين والدنيا وقرئ الحزن وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على أهل لا اله الا الله وحشة في قبورهم ولا في محشرهم ولا في مسيرهم وكأني بأهل لا اله الا الله يخرجون من قبورهم ينفضون التراب عن وجوههم ويقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن «إن ربنا لغفور» أي للمذنبين «شكور» للمطيعين «الذي أحلنا دار المقامة» أي دار الإقامة التي لا انتقال عنها ابدا «من فضله» من انعامه وتفضله من غير ان يوجبه شيء من قبلنا «لا يمسنا فيها نصب» تعب «ولا يمسنا فيها لغوب» كلال والفرق بينهما ان النصب نفس المشقة والكلفة واللغوب ما يحدث منه من الفتور والتصريح بنفي الثاني مع استلزام نفي الأول له وتكرير الفعل المنفي للمبالغة في بيان انتفاء كل منهما «والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم» لا يحكم عليهم بموت ثان «فيموتوا» ويستريحوا ونصبه بإضمار ان وقرئ فيموتون عطفا على يقضى كقوله تعالى ولا يؤذن لهم فيعتذرون «ولا يخفف عنهم من عذابها» بل كلما خبت زيد اسعارها «كذلك» أي مثل ذلك الجزاء الفظيع «نجزي كل كفور» مبالغ في الكفر أو الكفران لا جزاء أخف وأدنى منه وقرئ يجزي على البناء للمفعول واسناده إلى الكل وقرئ يجازي «وهم يصطرخون فيها» يستغيثون والاصطراخ افتعال من الصراخ استعمل في الاستغاثة لجهد المستغيث صوته «ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل» بإضمار القول وتقييد العمل الصالح بالوصف المذكور للتحسر على ما عملوه من غير الصالح والاعتراف به والاشعار بأن استخراجهم لتلافيه وانهم كانوا يحسبونه صالحا والآن تبين خلافه وقوله تعالى «أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر» جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للانكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام وما نكرة موصوفة أي ألم نمهلكم أو ألم نؤخركم ولم نعمركم عمرا يتذكر فيه من تذكر أي يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر قيل هو أربعون سنة وعن ابن عباس رضي الله عنهما ستون سنة وروى ذلك عن علي رضي الله عنه وهو العمر الذي اعذر الله فيه إلى ابن آدم قال صلى الله عليه وسلم اعذر الله إلى امرئ اخر اجله حتى بلغ ستين سنة وقوله تعالى «وجاءكم النذير» عطف على الجملة الاستفهامية لأنها في معنى قد عمرناكم كما في قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك ووضعنا الخ لأنه في معنى قد شرحنا الخ والمراد بالنذير رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ما معه من القرآن وقيل العقل وقيل الشيب وقيل موت الأقارب والاقتصار على ذكر النذير لأنه الذي
(١٥٤)