وتحققه وقيل أورثناه من الأمم السالفة أي أخرناه عنهم وأعطيناه «الذين اصطفينا من عبادنا» وهم علماء الأمة من الصحابة ومن بعدهم ممن يسير سيرتهم أو الأمة بأسرهم فإن الله تعالى اصطفاهم على سائر الأمم وجعلهم أمة وسطا ليكونوا شهداء على الناس واختصهم بكرامة الانتماء إلى أفضل رسله عليهم الصلاة والسلام وليس من ضرورة وراثة الكتاب مراعاته حق رعايته لقوله تعالى فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب الآية «فمنهم ظالم لنفسه» بالتقصير في العمل به وهو المرجأ لامر الله «ومنهم مقتصد» يعمل به في أغلب الأوقات ولا يخلو من خلط السيء «ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله» قيل هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وقيل هم المداومون على إقامة مواجبه علما وعملا وتعليما وفي قوله بإذن الله أي بتيسيره وتوفيقه تنبيه على عزة منال هذه الرتبة وصعوبة مأخذها وقيل الظالم الجاهل والمقتصد المتعلم والسابق العالم وقيل الظالم المجرم والمقتصد الذي خلط الصالح بالسيء والسابق الذي ترجحت حسناته بحيث صارت سيئاته مكفرة وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم واما الذين سبقوا فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب واما المقتصد فأولئك يحاسبون حسابا يسيرا واما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم يتلقاهم الله تعالى برحمته وقد روى ان عمر رضي الله عنه قال وهو على المنبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له «ذلك» إشارة إلى السبق بالخيرات وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار اليه للاشعار بعلو رتبته وبعد منزلته في الشرف «هو الفضل الكبير» من الله عز وجل لا ينال الا بتوفيقه تعالى «جنات عدن» اما بدل من الفضل الكبير بتنزيل السبب منزلة المسبب أو مبتدأ خبره «يدخلونها» وعلى الأول هو مستأنف وجمع الضمير لان المراد بالسابق الجنس وتخصيص حال السابقين ومآلهم بالذكر والسكوت عن الفريقين الآخرين وان لم يدل على حرمانهما من دخول الجنة مطلقا لكن فيه تحذيرا لهما من التقصير وتحريضا على السعي في ادراك شأو السابقين وقرئ جنات عدن وجنة عدن على النصب بفعل يفسره الظاهر وقرئ يدخلونها على البناء للمفعول «يحلون فيها» خبر ثان أو حال مقدرة وقرئ يحلون من حليت المرأة فهي حالية «من أساور» هي جمع أسورة جمع سوار «من ذهب» من الأولى تبعيضية والثانية بيانية أي يحلون بعض أساور من ذهب كأنه أفضل من سائر افرادها «ولؤلؤا» بالنصب عطفا على محل من أساور وقرئ بالجر عطفا على ذهب أي من ذهب مرصع باللؤلؤ أو من ذهب في صفاء اللؤلؤ «ولباسهم فيها حرير» وتغيير الأسلوب قد مر في سورة الحج «وقالوا» أي يقولون وصيغة الماضي للدلالة على التحقق «الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن» وهو ما أهمهم من خوف سوء العاقبة وعن ابن عباس رضي الله عنهما حزن الاعراض والآفات وعنه حزن الموت وعن الضحاك لحزن وسوسة إبليس وقيل هم المعاش وقيل حزن
(١٥٣)