استشهاد به على تحقق مضمون الجملة القسمية وتقوية لثبوته فيكون شاهدا به ودليلا عليه قطعا وقوله تعالى «على صراط مستقيم» خبر آخر لان أو حال من المستكن في الجار والمجرور على انه عبارة عن الشريعة الشريفة بكمالها لا عن التوحيد فقط وفائدته بيان ان شريعته صلى الله عليه وسلم أقوم الشرائع وأعدلها كما يعرب عنه التنكير التفخيمي والوصف اثر بيان انه صلى الله عليه وسلم من جملة المرسلين بالشرائع «تنزيل العزيز الرحيم» نصب على المدح وقرئ بالرفع على انه خبر مبتدأ محذوف وبالجر على انه بدل من القرآن وأيا ما كان فهو مصدر بمعنى المفعول عبر به عن القرآن بيانا لكمال عراقته في كونه منزلا من عند الله عز وجل كأنه نفس التنزيل واظهارا لفخامته الإضافية بعد بيان فخامته الذاتية بوصفه بالحكمة وفي تخصيص الاسمين الكريمين المعربين عن الغلبة التامة والرأفة العامة حيث على الايمان ترهيبا وترغيبا واشعار بأن تنزيله ناشيء عن غاية الرحمة حسبما نطق به قوله تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين وقيل النصب على انه مصدر مؤكد لفعله المضمر أي نزل تنزيل العزيز الرحيم على انه استئناف مسوق لبيان ما ذكر من فخامة شأن القرآن وعلى كل تقدير ففيه فضل تأكيد لمضمون الجملة القسمية «لتنذر» متعلق بتنزيل على الوجوه الأول وبعامله المضمر على الوجه الأخير أي لتنذر به كما في صدر الأعراف وقيل هو متعلق بما يدل عليه لمن المرسلين أي انك مرسل لتنذر «قوما ما أنذر آباؤهم» أي لم ينذر آباؤهم الأقربون لتطاول مدة الفترة على ان ما نافية فتكون صفة مبينة لغاية احتياجهم إلى الانذار أو الذي أنذره أو شيئا أنذره آباؤهم الأبعدون على انها موصوله أو موصوفة فيكون مفعولا ثانيا لتنذر أو انذار آبائهم الأقدمين على انها مصدرية فيكون نعتا لمصدر مؤكد أي لتنذر انذار كائنا مثل إنذارهم «فهم غافلون» على الوجه الأول متعلق بنفي الانذار مترتب عليه والضمير للفريقين أي لم تنذر آباؤهم فهم جميعا لأجله غافلون وعلى الوجوه الباقية متعلق بقوله تعالى لتنذر أو بما يفيده إنك لمن المرسلين وارد لتعليل إنذاره صلى الله عليه وسلم أو ارساله بغفلتهم المحوجة اليهما على ان الضمير للقوم خاصة فالمعنى فهم غافلون عنه أي عما انذر آباؤهم الأقدمون لامتداد المدة واللام في قوله تعالى «لقد حق القول على أكثرهم» جواب القسم أي والله لقد ثبت وتحقق عليهم البتة لكن لا بطريق الجبر من غير ان يكون من قبلهم ما يقتضيه بل بسبب اصرارهم الاختياري على الكفر والانكار وعدم تأثرهم من التذكير والانذار وغلوهم في العتو والطغيان وتماديهم في اتباع خطوات الشيطان بحيث لا يلويهم صارف ولا يثنيهم عاطف كيف لا والمراد بما حق من القول قوله
(١٥٩)